ورد أمثال هذا أحاديث كثيرة عن أئمة أهل البيت ، ووردت عنهم أيضا أحاديث يشيرون فيها إلى : الأخذ بما يخالف رأي مدرسة الخلفاء.
ورد عن الإمام الصادق (ع) في تعليل ذلك أنّه قال : أتدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامّة؟ فقلت : لا أدري فقال : إنّ عليّا (ع) لم يكن يدين الله بدين إلّا خالف عليه الأمّة إلى غيره إرادة لابطال أمره وكانوا يسألون أمير المؤمنين (ع) عن الشيء الّذي لا يعلمونه فإذا أفتاهم جعلوا له ضدّا من عندهم ليلبسوا على النّاس (١).
ومن بحث سيرة معاوية وجد فيها الادلة الكافية على ما قاله الإمام وبالإضافة إلى ذلك ، فانّ في ما مضى من بحوث موارد الاجتهاد بمدرسة الخلفاء من هذا الكتاب أدلّة وافرة على اعتماد مدرسة الخلفاء في بيان أحكام الإسلام على الرأي والاجتهاد في مقابل سنّة الرسول.
ومر علينا ـ أيضا ـ في أول الجزء الثاني تحت عنوان «كيف وجد الحديثان المتناقضان» وفي آخر باب «المجتهدون في القرن الأوّل وموارد اجتهادهم» كيف كانوا يضعون الاحاديث تأييدا لمواقف الخلفاء ، وكذلك نجد مزيد إيضاح لذلك في ما ورد بآخر الجزء الأول ، في بحث اتجاه السلطة زهاء ثلاثة عشر قرنا.
وعلى ما ذكرنا في هذه البحوث من الصحيح أن نترك من الحديثين المتعارضين ما وافق اتجاه مدرسة الخلفاء (٢).
ولمّا كان أتباع مدرسة الخلفاء كثيرا ما يسألون أئمة أهل البيت عن تلك المسائل في مجالس عامّة حيث لم يكن بمقدور الأئمة حينذاك ان يبيّنوا حكم
__________________
(١) علل الشرائع ٢ / ٢١٨ ، ح ١ ، ووسائل الشيعة ١٨ / ٨٣ ، ٨٤.
(٢) لا يفهم هذا البحث حق الفهم ما لم تراجع البحوث الثلاثة المذكورة في المتن.