لو خلصت من الشوائب ، وكانت خالصة لوجهه واقعة على وفق أمره ، وما هو والله الا التعلق باذيال عفوه وحسن الظن به ، واللجأ منه إليه والاستعاذة به منه والاستكانة والتذلل بين يديه ، ومدّ يد الفاقة والمسكنة إليه ، بالسؤال والافتقار إليه في جميع الاحوال فمن أصابته نفحة من نفحات رحمته أو وقعت عليه نظرة من نظرات رأفته انتعش من بين الاموات وأناخت بفنائه وفود الخيرات ، وترحلت عنه جيوش الهموم والغموم والحسرات.
واذا نظرت إليّ نظرة راحم |
|
في الدهر يوما انني لسعيد |
[من حقوق الله رد الطاعنين على الرسول]
(فصل) ومن بعض حقوق الله على عبده رد الطاعنين على كتابه ورسوله ودينه ومجاهدتهم بالحجة والبيان ، والسيف والسنان ، والقلب والجنان ، وليس وراء ذلك حبة خردل من الايمان وكان انتهى إلينا مسائل أوردها بعض الكفار الملحدين على بعض المسلمين فلم يصادف عنده ما يشفيه ، ولا وقع دواؤه على الداء الذي فيه ، وظن المسلم انه بضربه يداويه فسطا به ضربا وقال هذا هو الجواب! فقال الكافر : صدق أصحابنا في قولهم : إن دين الاسلام انما قام بالسيف لا بالكتاب! فتفرقا وهذا ضارب وهذا مضروب ، وضاعت الحجة بين الطالب والمطلوب ، فشمّر المجيب ساعد العزم ، ونهض على ساق الجد وقام لله قيام مستعين به مفوض إليه متكل عليه في موافقة مرضاته ، ولم يقل مقالة العجزة الجهال : إن الكفار انما يعاملون بالجلاد دون الجدال ، وهذا قرار من الزحف ، واخلاد الى العجز والضعف ، وقو أمر الله بمجادلة الكفار بعد دعوتهم إقامة للحجة وإزاحة للعذر (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ، وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) [الأنفال : ٤٢] والسيف انما جاء منفذا للحجة ، مقوما للمعاند ، وحدا للجاحد ، قال تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ، وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ ، وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد : ٢٥]
فدين الاسلام قام بالكتاب |
|
الهادي ونفذه السيف الماضي |