القرار النهائيّ من دون الآخرين في تلك الشورى. ثمّ ما المسوغ لقتل من خالف قرار عبد الرحمن ورأيه؟ ثمّ من الّذي كان يخشى منه المخالفة لرأي عبد الرحمن من دون الآخرين؟ وأخيرا هل اتّبعت مدرسة الخلافة الشورى العمرية مرّة واحدة وأقامت الخلافة كذلك لواحد من الخلفاء طوال القرون؟
هذه أسئلة تتوارد على الشورى العمرية.
أمّا ما استدلّ به أتباع مدرسة الخلفاء في هذا الصدد ، فما كان من استدلالهم بالآية الكريمة : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) فإنّه لا يستفاد منها أكثر من رجحان التشاور بين المؤمنين في أمورهم ، فإنّه سبحانه وتعالى لو أراد الوجوب في هذا الأمر لقال : كتب الله على المؤمنين أو قال : فرض عليهم ، إلى ما شابههما من الألفاظ الدالّة على وجوب الفعل على المؤمنين.
وما كان من استدلالهم بآية (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) فقد أوضحنا في ما سبق بأنّ الآية في مقام توجيه الرسول (ص) أن يدعو المسلمين إلى القتال بأسلوب المشاورة ؛ وليس بأسلوب الملوك الجبابرة الّذين يلقون أوامرهم إلى الناس بقولهم مثلا : أصدرنا أمرنا الملكيّ بكذا. وقد صرّح الجليل سبحانه بعد هذه الجملة بأنّ رأي المسلمين ليس ملزما لرسول الله (ص) حيث قال : (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ) ، إذا فالقيام بالعمل يكون على أساس عزم الرسول (ص) وليس على ما يرتئيه المؤمنون ، ويوضح ذلك بجلاء الأمثلة الّتي ذكرناها من مشاورة الرسول المسلمين في موارد كانت عاقبة الأمر معلومة لرسول الله مسبقا مثل مشاورته إيّاهم للقتال في غزوة بدر.
ثمّ إنّ مشاوراته (ص) كانت في مقام استجلاء رأي المسلمين في كيفيّة تنفيذ الأحكام الإسلاميّة وليست في مقام استنباط الحكم الشرعيّ بالتشاور ، أضف إلى كلّ ذلك أنّ الله تعالى قال : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ