صحّة من بدنه وعقله وجواز من أمره. إنّ أمير المؤمنين هارون ولّاني العهد من بعده ، وجعل لي البيعة في رقاب المسلمين جميعا ، وولى أخي عبد الله بن أمير المؤمنين العهد والخلافة وجميع أمور المسلمين بعدي برضى منّي وتسليم ، طائعا غير مكره ، وولّاه خراسان بثغورها وكورها ، وأجنادها وخراجها وطرازها ، وبريدها ، وبيوت أموالها وصدقاتها وعشرها وعشورها ، وجميع أعمالها في حياته وبعد موته ، وشرطت لعبد الله أخي عليّ الوفاء بما جعل له هارون أمير المؤمنين من البيعة والعهد والولاية والخلافة وأمور المسلمين بعدي ... إلى آخر الكتابين ..
وروى الطبري بعد ذلك وقال :
(وكتبا لأمير المؤمنين في بطن بيت الله الحرام بخطوط أيديهما بمحضر ممّن شهد الموسم من أهل بيت أمير المؤمنين وقوّاده وصحابته وقضاته وحجبة الكعبة وشهاداتهم عليهما كتابين استودعهما أمير المؤمنين الحجبة وأمر بتعليقهما في داخل الكعبة فلمّا فرغ أمير المؤمنين من ذلك كلّه في داخل بيت الله الحرام وبطن الكعبة أمر قضاته الذين شهدوا عليهما وحضروا كتابهما أن يعلموا جميع من حضر الموسم من الحاجّ والعمّار ووفود الأمصار ما شهدوا عليه من شرطهما وكتابهما ، وقراءة ذلك عليهم ليفهموه ويعوه ويعرفوه ويحفظوه ويؤدّوه إلى إخوانهم وأهل بلدانهم وأمصارهم. ففعلوا ذلك وقرئ عليهم الشرطان جميعا في المسجد الحرام ، فانصرفوا. وقد اشتهر ذلك عندهم وأثبتوا الشهادة عليه ...) (٢٩).
__________________
(٢٩) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤١٦ ـ ٤٢١. وأورد الطبري تفصيل ذلك في ذكر حوادث سنة ستّ وثمانين ومائة ، ط. أوربا ، ٣ / ٦٥٤ ـ ٦٦٥. وأشار إلى ذلك بإيجاز كلّ من المسعودي في مروج الذهب ، ٣ / ٣٥٣. وابن الأثير في تاريخه (الكامل) ، ط. أوربا ، ٦ / ١١٧ ـ ١١٨. وابن كثير في البداية والنهاية ١٠ / ١٨٧.