لا يقصر فيهم ، وإذا فرغ منهم أن يبعث بهم أسراء. فسار إليهم عكرمة وقاتلهم وحاصرهم ، فسألوا الصّلح وأن يؤدّوا الزكاة ، فأبى إلّا أن ينزلوا على حكمه ، فأجابوه. فدخل عكرمة حصنهم ، وقتل أشرافهم صبرا ، وسبى نساءهم وأولادهم ، وأخذ أموالهم ووجّه بالباقين إلى أبي بكر ، فهمّ أن يقتل الرجال ويقسم النساء والذرية ، فقال له عمر :
يا خليفة رسول الله ، إنّ القوم على دين الإسلام يحلفون بالله مجتهدين ما كنّا رجعنا عن دين الإسلام. فحبسهم أبو بكر إلى أن توفّي وأطلق عمر سراحهم على عهده.
فسار عكرمة إلى زياد فبلغ خبر الأشعث فانحاز إلى حصن النجير وجمع فيه نساءه ونساء قومه. فبلغ ذلك قبائل كندة ممّن كان تفرّق عن الأشعث لمّا قتل رسول أبي بكر فتلاوموا أن يتركوا بني عمّهم محاصرين ، فسارت لقتال زياد ، فجزع لذلك فقال له عكرمة : أرى أن تقيم محاصرا لمن في الحصن وأمضي أنا فألقى هؤلاء القوم ، فقال له زياد : نعم ما رأيت ، ولكن إن ظفر الله بهم فلا ترفع السيف حتى تبيدهم عن آخرهم.
فقال عكرمة : لست آلو جهدا في ما أقدر عليه.
فسار عكرمة حتّى وافى القوم فتقاتلوا وكانت الحرب بينهم سجالا والأشعث لا يعلم عن ذلك شيئا ، وطال عليهم الحصار واشتدّ بهم الجوع والعطش ، فطلب من زياد الأمان له ولأهل بيته وعشرة من وجوه أصحابه وكتب بينهم ، فبعث زياد الكتاب إلى عكرمة ، فأخبر عكرمة قبائل كندة بذلك وأراهم الكتاب ، فتركوا القتال وانصرفوا ، ودخل زياد الحصن وأخذ يضرب أعناق المقاتلة صبرا ، ووافاه كتاب أبي بكر أن يحمل من نزل على حكمه إلى المدينة ، فصفد من بقي منهم بالحديد وأرسلهم إلى المدينة (٢٤).
__________________
(٢٤) لقد لخّصنا الخبر ممّا رواه البلاذريّ في فتوح البلدان في ذكر ردّة بني وليعة ، والأشعث بن ـ