(السَّبِيلِ) بالسوية.
(كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) : أي كيلا يكون المال متداولا بين الأغنياء الأقوياء ولا يناله الضعفاء والفقراء.
(وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) : أي وما أعطاكم الرسول وأذن لكم فيه أو أمركم به فخذوه وما نهاكم عنه وحظره عليكم ولم يأذن لكم فيه فانتهوا عنه.
(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) : أي واتقوا الله فلا تعصوه ولا تعصوا رسوله وأحذروا عقوبة الله على معصيته ومعصية رسوله فإن الله شديد العقاب.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في غزوة بنى النضير إنه بعد الصلح الذي تم بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد تركوا حوائطهم أي بساتينهم فيئا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ورغب المسلمون في تلك البساتين ورأى بعضهم أنها ستقسم عليهم كما تقسم الغنائم فأبى الله تعالى ذلك عليهم وقال : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) أي وما رد الله تعالى على رسوله من مال بنى النضير. وكلمة ردّ تفسير لكلمة أفاء لأن الفئ الظل يتقلص ثم يرجع أي يردّ وأموال بنى النضير الأصل فيها لرسول الله صلىاللهعليهوسلم لأن بنى النضير عاهدوا رسول الله وبمقتضى المعاهدة أبقى عليهم أموالهم فإذا نقضوا العهد وخانوا لم يستحقوا من المال شيئا لا سيما وأنهم تآمروا على قتله وكادوا ينفذون جريمتهم التى تحملوا تبعتها ولو لم ينفذوها. وبداية القضية كالتالي :
أن المعاهدة التى تمت بين الرسول صلىاللهعليهوسلم وبين بنى النضير من جملة بنودها أن يؤدوا مع الرسول ما يتحمل من ديات. وبعد وقعة أحد بنصف سنة حدث أن عمرو بن أمية الضمري قتل خطأ رجلين من بنى كلب أو بنى كلاب فجاء ذووهم يطالبون بديتهم من رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ هو المسئول عن المسلمين فخرج صلىاللهعليهوسلم إلى بنى النضير في قريتهم (١) التي تبعد عن المدينة بميلين يطالب بالإسهام في دية الرجلين الكلابيين بحكم المعاهدة فلما انتهى إليهم أنزلوه هو وأصحابه بأحسن مجلس وقالوا ما تطلبه هو لك يا أبا القاسم ثم خلوا بأنفسهم وقالوا ان الفرصة سانحة للتخلص من الرجل فجاءوا برحى «مطحنة» من صخرة وطلعوا بها إلى سطح المنزل وهموا أن يسقطوها على رأس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو جالس في ظل الجدار مع أصحابه ، وقبل أن يسقطوا الرحى أوحى الله إلى رسوله أن قم من مكانك فإن اليهود أرادوا إسقاط حجر عليك ليقتلوك فقام صلىاللهعليهوسلم على الفور
__________________
(١) وكانت تسمى الزهرة وكان لها خمسة حصون.