تَعْقِلُونَ) أي لنعدّكم بذلك لتعقلوا عنّاما نخاطبكم به وننصح لكم فيه فاذكروا هذا ولا تنسوه. وراجعوا قلوبكم وتعهدوها بذكر الله والدار الآخرة. وقوله تعالى : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ) أي المتصدقين بفضول أموالهم في سبيل الله (وَالْمُصَّدِّقاتِ) أي والمتصدقات كذلك (وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) بما أنفقوه في الجهاد طيبة به نفوسهم لا منة فيه ولا رياء ولا سمعة هؤلاء (يُضاعَفُ لَهُمْ) أي ثواب صدقاتهم وإقراضهم ربهم إلى عشرة أضعاف إلى سبعمائة ضعف إلى ألف ألف (وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) وهو الجنة (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) فصدقوا بالله ربا وإلها وبرسل الله المصطفين هداة إلى الله ودعاة إليه هؤلاء هم الصديقون (١) ففازوا بمرتبة الصديقية والشهداء الذين (٢) استشهدوا في معارك الجهاد هم الآن (عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ) أرواحهم في حواصل طير خضر ترعى في الجنة. هؤلاء الأصناف الثلاثة مثلهم مثل السابقين وأصحاب اليمين. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) أي بالله ورسله (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) أي بآيات ربهم الحاوية لشرائعه وعبادته فلم يعبدوه بها هؤلاء الأدنون هم (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) الذين يلازمونها وتلازمهم أبدا نعوذ بالله من حالهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ التحذير من الغفلة ونسيان ذكر الله وما عنده من نعيم وما لديه من نكال وعذاب.
٢ ـ وجوب التذكير للمؤمنين والوعظ والإرشاد والتعليم خشية أن تقسو قلوبهم فيفسقوا كما فسق أهل الكتاب ويكفروا كما كفروا.
٣ ـ تقرير حقيقة وهي أن الأرض تحيا بالغيث والقلوب تحيا بالعلم والمواعظ والتذكير بالله.
٤ ـ بيان أصناف المؤمنين ورتبهم وهم المتصدقون والمقرضون في سبيل الله أموالهم والمؤمنون بالله ورسله حق الإيمان والصديقون وشهداء الجهاد في سبيل الله جعلنا الله منهم.
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ
__________________
(١) الصديق : هو من آمن بالله ورسله ولم يكذب طرفة عين ، وممن ذكروا بالفوز بها ، أبو بكر الصديق ومؤمن آل فرعون وصاحب يس ، وفي الحديث : (ولا يزال المرء يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا) فهذا مطلب سهل اللهم حققه لنا.
(٢) اختلف في هل (الشُّهَداءُ) موصول بما قبله أو مقطوع فإن كان موصولا فالصدّيقون والشهداء : هم المؤمنون بالله ورسله ، وللجميع أجرهم ونورهم ويكون المدح والثناء وعظم الجزاء. للجميع وهي بشرى لأمة محمد صلىاللهعليهوسلم وإن كان مقطوعا فقد فاز الشهداء بمزية لم تكن لغيرهم ، وهذا ما ذهبت إليه في التفسير ، وهو ما اختاره ابن جرير.