(فَيَذْهَبُ جُفاءً) (١) : أي باطلا مرميا به بعيدا إذ هو غثاء ووضر لا خير فيه.
(فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) : أي يبقى في الأرض زمنا ينتفع به الناس.
(لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى) : أي للذين آمنوا وعملوا الصالحات الجنة.
(لَمْ يَسْتَجِيبُوا) : أي لم يؤمنوا به ولم يطيعوه.
(لَافْتَدَوْا بِهِ) : أي من العذاب.
(سُوءُ الْحِسابِ) : وهي المؤاخذة بكل ذنب عملوه لا يغفر لهم منه شيء.
(وَبِئْسَ الْمِهادُ) : أي الفراش الذي أعدوه لأنفسهم وهو جهنم.
معنى الآيات :
ما زال السياق في تقرير التوحيد والتنديد بالكفر والشرك ففي هذه الآية الكريمة ضرب الله تعالى مثلا للحق والباطل ، للحق في بقائه ، والباطل في اضمحلاله وتلاشيه فقال : (أَنْزَلَ) أي الله (مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) (٢) أي بحسب كبرها وصغرها لأن الوادي قد يكون كبيرا وقد يكون صغيرا ، فاحتمل السيل أي حمل سيل الماء في الوادي زبدا رابيا أي غثاء ووضرا عاليا على سطح الماء ، هذا مثل مائي ، ومثل ناري قال فيه عزوجل : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ) (٣) أي ومما يوقد عليه الصاغة والحدادون (ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ) أي طلبا للحلية ، (أَوْ مَتاعٍ) أي طلبا لمتاع يتمتع به كالأوانى إذا الصائغ أو الحداد يضع الذهب أو الفضة أو النحاس في البوتقة وينفخ عليها بالكير فيعلو ما كان فاسدا غير صالح على صورة الزبد (٤) وما كان صالحا يبقى في البوتقة وهو الذي يصنع منه الحلية والمتاع ، وقوله تعالى : (كَذلِكَ) أي المذكور من الأمور الأربعة مثلي الحق وهما الماء والجوهر ومثلي الباطل وهما زبد الماء وزبد الجوهر (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً) أي باطلا
__________________
(١) الجفاء : ما أجفاه الوادي أي : رمى به.
(٢) (أَوْدِيَةٌ) جمع واد ، والوادي اسم للماء السائل هنا إذ الوادي وهو أخدود بين مرتفعين لا يسيل وإنما يسيل الماء فيه ، ومعنى : (بِقَدَرِها) : أي : بقدر ملئها.
(٣) هذا المثل الثاني والأول هو مثل الماء السائل في الوادي وما يحمل من زبد عال.
(٤) هو معنى قوله تعالى : (زَبَدٌ مِثْلُهُ) أي زبد ما يعلو الذهب والفضة والحديد كزبد ما يعلو ماء السيل.