جاء من الدين الحق وعملوا به ، (وَاتَّقَوْا) الكفر والشرك وكبائر الذنوب الفواحش ، لكفر الله عنهم سيئآتهم فلم يؤاخذهم ولم يفضحهم بها ولأدخلهم جنات النعيم. وهذا وعد الله تعالى لليهود والنصارى فلو أنهم آمنوا واتقوا لأنجزه لهم قطعا. وهو لا يخلف الميعاد.
أما الآية الأخيرة (٦٦) في هذا السياق فهي تتضمن وعدا إلهيا آخر وهو أن اليهود والنصارى لو أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم ومن ذلك القرآن الكريم ، ومعنى أقاموا ذلك آمنوا بالعقائد الصحيحة الواردة في تلك الكتب وعملوا بالشرائع السليمة والآداب الرفيعة والأخلاق الفاضلة التي تضمنتها تلك الكتب لو فعلوا ذلك لبسط الله تعالى عليهم الرزق وأسبغ عليهم النعم ولأصبحوا في خيرات وبركات تحوطهم من كل جانب هذا ما وعدهم الله به. ثم أخبر تعالى عن واقعهم المرير فقال : (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ) لم تغل ولم تحف فلم تقل في عيسى أنه ابن الله ولا هو ابن زنى ، ولكن قالت عبد الله ورسوله ولذا لما جاء النبي الأمي بشارة عيسى (١) عليهالسلام آمنوا به وصدقوا بما جاء به من الهدى والدين الحق وهم عبد الله بن سلام وبعض اليهود ، والنجاشى من النصارى وخلق كثير لا يحصون عدا. وكثير من أهل الكتاب ساء (٢) أي قبح ما يعملون من أعمال الكفر والشرك والشر والفساد.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ قبح وصف الله تعالى بما لا يليق بجلاله وكماله.
٢ ـ ثبوت صفة اليدين لله تعالى ووجوب الإيمان بها على مراد الله تعالى ، وعلى ما يليق بجلاله وكماله.
٣ ـ تقرير ما هو موجود بين اليهود والنصارى من عداوة وبغضاء (٣) وهو من تدبير الله تعالى.
٤ ـ سعي اليهود الدائم في الفساد في الأرض فقد ضربوا البشرية بالمذهب المادي الإلحادي الشيوعي ، وضربوها أيضا بالإباحية ومكائد الماسونية.
__________________
(١) بشارة عيسى بدل من النبي الأمي وقلنا بشارة عيسى لأنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أنا دعوة أبي ابراهيم وبشارة عيسى عليهمالسلام».
(٢) أي : بئس شيء عملوه إذ كذّبوا الرسل وحرّفوا الكتب وأكلوا السحت.
(٣) وإن قيل إنّ التعاون القائم اليوم بين اليهود والنصارى يرد ما في الآية قلنا إنّ اليهود احتالوا على النصارى فضربوهم بالالحاد فلمّا قضي على العقيدة الدينية فيهم أصبحوا سخرة لهم يتحكمون فيهم وبذلك فرضوا عليهم حبّهم وعدم عداوتهم.