نهى تعالى نهيا جازما الشهود عن كتمان شهادتهم فقال : (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ ..) وبيّن تعالى عظم هذا الذنب فقال : (وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ (١) ...) وأعلم أنه عليم بما يعملونه فيجازيهم بعلمه ، وهو تهديد ووعيد منه سبحانه وتعالى لكاتمي الشهادة والقائلين بالزور فيها. هذا معنى الآية الأولى (٢٨٣) أما الآية الثانية (٢٨٤) فإنه تعالى قد أخبر بأن له جميع ما في السموات ، وجميع ما في الأرض خلقا وملكا وتصرفا ، وبناء على ذلك فإن من يبدي ما في نفسه من خير أو شر أو يخفه يحاسب به ، ثم هو تعالى بعد الحساب يغفر لمن يشاء من أهل الإيمان والتقوى ، ويعذب من يشاء من أهل الشرك والمعاصي ، له كامل التصرف ، لأنّ الجميع خلقه وملكه وعبيده.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ جواز أخذ الرهن في السفر والحضر توثيقا من الدائن لدينه.
٢ ـ جواز ترك أخذ الرهن (٢) إن حصل الأمن من سداد الدين وعدم الخوف منه.
٣ ـ حرمة كتمان الشهادة والقول بالزور فيها وأن ذلك من أكبر الكبائر كما في الصحيح.
٤ ـ محاسبة العبد بما يخفي في نفسه من الشك والشرك والنفاق وغير ذلك من بغض أولياء الله وحب لأعدائه ، ومؤاخذته بذلك ، والعفو عن الهمّ بالخطيئة والذنب دون الشك والشرك والحب والبغض من المؤمن الصادق الإيمان للحديث الصحيح الذي أخرجه الستة : «إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل».
(آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ (٣) بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا
__________________
(١) القول محذوف أي يقولون : لا نفرّق ، وهذا الحذف للقول شائع نحو (الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أي يقولون سلام عليكم ، ، (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) أي يقولون ربّنا الخ.
(٢) إذا كان الرهن دابة تركب أو شاة تحلب أو دارا تسكن أو نخلا بتمر فعلى المرتهن نفقة علف الدّابة والشاة ، مقابل الركوب واللبن ، وإن سكن الدار دفع أجرتها ، وإن جزّ التمر أخذه بثمنه لحديث : «لا تغلق الرهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه».
(٣) قال العلماء : اثم القلب : سبب مسخه.