الْأَرْضِ) ، وهو عطاؤه وإفضاله ، حلالا طيبا (١) حيث أذن لهم فيه ، وأما ما لم يأذن لهم فيه فإنه لا خير لهم في أكله لما فيه من الأذى لأبدانهم وأرواحهم معا ، ثم نهاهم عن اتباع آثار عدوه وعدوهم فإنهم إن اتبعوا خطواته قادهم إلى حيث شقاؤهم وهلاكهم ، وأعلمهم وهو ربهم أن الشيطان لا يأمرهم إلا بما يضر أبدانهم وأرواحهم والسوء وهو كل ما يسوء النفس والفحشاء وهي أقبح الأفعال وأردى الأخلاق وأفظع من ذلك أن يأمرهم بأن يكذبوا على الله فيقولوا عليه مالا يعلمون فيحرمون ويحللون ويشرعون باسم الله ، والله في ذلك برىء وهذه قاصمة الظهر والعياذ بالله تعالى ، حتى إذا أعرضوا عن إرشاد ربهم واتبعوا خطوات الشيطان عدوهم ففعلوا السوء وارتكبوا الفواحش وحللوا وحرموا وشرعوا ما لم يأذن به الله ربهم ، وقال لهم رسول الله اتبعوا ما أنزل الله قالوا لا ، بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ، يا سبحان الله يتبعون ما وجدوا عليه آباءهم ولو كان باطلا ، وضلالا ، أيقلدون (٢) أباءهم ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا من أمور الشرع والدين ، ولا يهتدون إلى ما فيه الصلاح والخير.
هداية الآيات
من هداية الآيات
١ ـ وجوب طلب الحلال والاقتصار على العيش منه ولو كان ضيقا قليلا.
٢ ـ الحلال ما أحله الله ، والحرام ما حرمه الله تعالى فلا يستقل العقل بشىء من ذلك.
٣ ـ حرمة اتباع مسالك الشيطان وهي كل معتقد أو قول أو عمل نهى الله تعالى عنه.
٤ ـ وجوب الابتعاد عن كل سوء وفحش لأنهما مما يأمر بهما الشيطان.
٥ ـ حرمة تقليد من لا علم له ولا بصيرة في الدين.
٦ ـ جواز اتباع أهل العلم والأخذ بأقوالهم وآرائهم المستقاة من الوحي الإلهي الكتاب والسنة.
__________________
(١) يصح إعراب (حَلالاً طَيِّباً) على أنهما حالان من (مِمَّا فِي الْأَرْضِ) ويصح أيكون طيبا صفة لحلال كما يصح أن يكون حلالا مفعولا لكلوا.
(٢) استدل بهذه الآية على حرمة التقليد في العقائد مطلقا أما في الفروع فهو أهون ، والتقليد هو قبول الحكم بلا دليل ولا حجّة.