التصديق والإقرار وعدم الإخلال بما ذكر (أجزاء لمفهوم الإيمان ، فيكون انتفاء ذلك اللازم) الذي هو ما شاء الله تعالى من خير بلا انقضاء (عند انتفائها ، لانتفاء الإيمان) بانتفاء جزئه ، (وإن وجد) جزؤه الذي هو (التصديق ، وغاية ما فيه أنه نقل عن مفهومه اللغوي الذي هو مجرد التصديق إلى مجموع) أي : أمور اعتبرت جملتها ، ووضع بإزائها لفظ الإيمان ، (هو) أي : التصديق جزء (منها) أي : من تلك الأمور التي عبر عنها بقوله : «مجموع» ، (ولا بأس به) أي : بالقول بأن الإيمان نقل إلى مجموع الأمور المذكورة ، وإن كان المختار خلافه كما سيأتي.
(فطنا قاطعون بأنه لم يبق على حاله الأول ، إذ قد اعتبر الإيمان شرعا) أي : من جهة الشرع وبالاصطلاح المفهوم منه (تصديقا خاصا) بعد كونه لغة لمطلق التصديق ، كما سيأتي.
(وهو) أي : التصديق الخاص (ما يكون) تصديقا (بأمور خاصة) كالوحدانية والبعث والجزاء والرسل والملائكة والكتب ، وغيرها من ضروريات الدين بالنسبة إلى الإيمان.
(و) اعتبر فيه شرعا أيضا (أن يكون بالغا إلى حد العلم أن منعنا إيمان المقلد) أي : منعنا صحته ، (وإلا) أي : وإن لم نمنع صحة إيمان المقلد (فالجزم) أي : فالمعتبر حينئذ في الإيمان الجزم ، (الذي لا يجوز معه ثبوت النقيض) ، سواء كان لموجب من حس أو عقل أو عادة ، وهو العلم أولا لموجب كاعتقاد المقلد (١).
(وهو) أي : الإيمان (في اللغة أعم من ذلك) لأنه التصديق القلبي مطلقا ، نحو : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) (سورة العنكبوت : ٢٦) ، أي : صدق ، (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) (سورة يوسف : ١٧) ، أي : بمصدق ، وقوله : (ويمكن اعتبارها) مقابل لقوله فيما سبق : «فيمكن اعتبار هذه» معطوفا عطف جملة على جملة ، أي : ويمكن اعتبار الأمور المضمونة إلى التصديق المعتبرة معه أجزاء للإيمان على هذا القول
__________________
(١) اعتقاد المقلد لموجب اعتقاد صحيح عند المتكلمين ؛ لأن الموجب هو الدليل القوي المصاحب لهذا الاعتقاد ؛ سواء مشاهدة عيانية أو طمأنينة قلبية مترتبة على علم يقيني أو غيرها مما يفرعه المتكلمون ؛ وبه حكم على صدق إيمان الفتاة الخرساء ، في الحديث المشهور ، وإيمان كثير من الأعراب والعوام.