(فإن أراد الوجود الخطي) أي : في الكتابة (حتى يستلزم) ذلك (حدوث القضاء ؛) لأن الكتابة حادثة (فهو) أي : فالقضاء بهذا التفسير أولى (بعدم التأثير). وإنما قدم المصنف الجار والمجرور على قوله : (أولى) للاهتمام ، (وإن رد) القضاء (إلى العلم فواجب) أي : فذلك الرد واجب ، وهو الذي ارتضيناه آنفا ، ولما كان هذا موضع سؤال فصّله المصنف ب «أما» فقال : (وأما قوله عليه) الصلاة و (السلام : «فحج آدم موسى» (١) لقوله) أي : لقول آدم (لموسى : «أتلومني على أمر كتبه الله عليّ قبل أن أخلق ... الخ» فالمراد) أن آدم (حجّه) أي : ظهر عليه في المحاجة ، (في دفع اللوم) عنه (بعد التوبة).
والحديث في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة بألفاظ ؛ منها للبخاري : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «احتج آدم وموسى ، فقال له موسى : أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة ، فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه ثم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق؟» فقال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فحج آدم موسى».
وقوله : (إذ المراد) بيان للمقصود من الحديث ، واستدلال لكونه المقصود ، فالمقصود («أتلومني بعد التوبة على أمر قد قضي عليّ (٢) قبل أن أخلق؟») وإنما حملناه على ذلك لا على اللوم على المعصية مطلقا قبل التوبة وبعدها (للإجماع على توجّه اللوم على المعصية قبل التوبة ، و) على (انتفائه) أي : اللوم (بعدها) أي : بعد التوبة. (ويكون قوله) أي : قول آدم (كتبه الله ... الخ حكاية للواقع) لا احتجاجا بالقدر ، لدفع اللوم على المعصية مطلقا.
(هذا) الذي ذكرناه من أن هذا حكاية للواقع لا احتجاج بالقدر ، وأن معنى الحديث ما حملناه عليه هو (موجب الدليل) بفتح الجيم ، أي : الذي اقتضاه الدليل ، وهو ما سبق من الإجماع على الأمرين ؛ لأن الاجماع على توجه اللوم بعد المعصية وقبل التوبة يقتضي امتناع إجراء الحديث على ظاهره ؛ من الاحتجاج بالقدر ، والإجماع على انتفاء اللوم بعد التوبة يقتضي صحة حمل الحديث على ما ذكر.
__________________
(١) الحديث في الصحيحين وغيرهما بألفاظ متقاربة ، رواه البخاري / كتاب قدر / باب تحاج آدم وموسى / رقم : (٦٢٤٠) ، ومسلم برقم (٢٦٥٢) ، مالك ٢ / ٨٩٨ ، أبو داود رقم : (٤٧٠١) ، الترمذي رقم : (٢١٣٥).
(٢) سقطت في (م).