وبالجملة فان
النذر عنهم ، لا لهم.
فاين تذهبون وأنّى
تؤفكون؟
وما هذا الرمي
بالباطل والإفك العظيم؟
سبحانك اللهم ما
أحلمك!
وكيف كان ، فقد
انقدح بما ذكرنا في المقامين : أنّ استدلال المموِّه المغالط بالمتشابه من آيات
الشفاعة على دعواه ، غلط باطل ، وخلط ظاهر فساده.
كفساد استدلال
المعتزلة والخوارج على نفي الشفاعة بها تارة ، واخرى بقوله تعالى : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ
الشَّافِعِينَ) ، ومرّة بقوله : (ما لِلظَّالِمِينَ
مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ).
فإنّ الآيات ـ كما
عرفت ـ سوقها للكفّار ، وأنّ الظالم على إطلاقه هو الكافر بقرينة العهد وخصوصية
مورد النزول.
فسلب المقيّد لا
يستلزم سلب المطلق ، ونفي المطاع لا يستلزم نفي المجاب ؛ بمعنى أنّ نفي الشفيع
الخاصّ لا ينافي إثبات مطلق الشفيع والشفاعة.
وبداهة العلم بأنه
تعالى ليس فوقه أحد ، وكون الشفيع لا محالة دون المشفوع ممّا لا يوجب حملها على
نفي المجاب ، إذ غايتها أنّها سالبة كلّية ، ونقيضها السلب الجزئي الملازم للإيجاب
الجزئي.
فسوق الآيات لعموم
السلب لا لسلب العموم.
على أنّا لا نسلّم
عموم الأزمان والأحوال فيها ؛ لجواز اختصاصها بموردها.
كما أن قوله تعالى
: (ما لِلظَّالِمِينَ
مِنْ أَنْصارٍ) وقوله : (وَلا هُمْ
يُنْصَرُونَ) ممّا لا تدلّان على دعواه ، فإنّ نفي النصرة لا تستلزم نفي
الشفاعة ؛ لانها طلب على خضوع ، وأما النصرة فربما ينبئ عن مدافعة ومكافئة.