جملة من أخبر الله سبحانه أنهم اتبعوا المتشابه لأجل ما في قلوبهم من الزيغ.
ومثال ما يستعمل مجازا ما ذكره [الله] (١) سبحانه من الوجه والجنب واليد ، ونحو ذلك مما يوصف به المخلوق حقيقة ، والمحكم الذي يجب رده إليه وحمله عليه نحو قوله سبحانه : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١].
[الكلام في الفرق بين ما يجوز من التقليد وما لا يجوز]
وأما الكلام فيما يجوز من التقليد وما لا يجوز :
فاعلم أن الله سبحانه وتعالى لما فاضل بين عباده في العقول وفي الطاقة ، فاضل بينهم في التكليف ، ولم يكل المفضول منهم إلى نفسه ولا إلى عقله ؛ فلذلك أوجب على المفضول طاعة الفاضل (٢) وسؤاله والرد إليه ، ولو لا أن مما تعبد المكلف (٣) بمعرفته مما (٤) يجب التقليد فيه ، وأن من عباده من يجب تقليده لما أمر بطاعة أولي الأمر ، وسؤال أهل الذكر ، ولو لا أنه سبحانه قد عرفهم بما يقلدون فيه وهو قوله سبحانه : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) [الشورى : ١٠] ، وعرفهم بمن يقلدونه في مثل قوله سبحانه : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) [فاطر : ٣٢] ، وتبيين النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لذلك بقوله : ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به من بعدي (٥) لن تضلوا أبدا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) ونحو ذلك مما سيأتي ذكر بعضه إن شاء الله لكان (٦) أمره بالطاعة والسؤال (٧) تكليفا لعلم ما لا يطاق وعلم ما لا يعلم ؛ فتعالى عن ذلك علوا كبيرا ؛ فهذه
__________________
(١) ـ زيادة من نخ (ب ، ج).
(٢) ـ في (ب) : الأفضل.
(٣) ـ نخ (ج) : المكلف.
(٤) ـ في (أ ، ج) : ما.
(٥) ـ في (ب ، ج) : لن تضلوا من بعدي أبدا.
(٦) ـ جواب لو لا في قوله المتقدم ولو لا أن مما تعبد .. إلخ.
(٧) ـ نخ (ب ، ج) : وبالسؤال.