قال : صورة هذا القول توجب القضاء على العض الى أن تقوم دلالة الكل فلما تكافأ القائلان فى قولهما وجب أن يكون القولان جميعا ملغيين.
وقد قال زهير (١) :
ومن لم يصانع فى أمور كثيرة يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم وليس كل من لا يصانع كذلك. قال :
ومن لا يظلم الناس يظلم (٢).
ويقول القائل جاءنى من أحببت ، وانما يعنى واحدا. ويقول : جاءنى التجار وان لم يكن الكل جاءه. وجاءنى جيرانى ، وان لم يأت جميعهم. ويقول القائل : لقينى الفجار بما كرهت ، ولا يعنى جميعهم فلما كانت هذه الألفاظ ترد مرة ويراد (٣) بها الكل وترد أخرى ويراد بها البعض ، لم يجز أن يقضى على الكل دون البعض ولا على البعض دون الكل الا بدلالة. وأيضا فلو وجب القضاء بصورة هذه الآيات أن يقضى على عذاب كل فاجر وآكل أموال اليتامى ظلما وآكل أموال الناس بالباطل لوجب أن (٤) يقضى على (٥) أن كل الموحدين من أهل الصلاة فى الجنة بظاهرة قوله تعالى : (مَنْ جاءَ
__________________
(١) هو زهير بن أبى سلمى الشاعر الجاهلى المعروف.
(٢) جزء بيته القائل :
ومن لم يذد عن خوصه بسلاحه |
|
يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم |
(٣) ب وتبعه ل ، م يراد بدون حرف العطف ، وقد حذف م الواو من قوله «ويراد» الثانية.
(٤) تركها الناسخ.
(٥) ب وتبعه ل : على أن : ولعل الأصح بأن.