____________________________________
عليها ، وفي عمدة النسفي : واستحلال المعصية كفر.
قال شارحه القونوي : كأنه أراد والله أعلم بالمعصية ، المعصية الثابتة بالنص القطعي لما في ذلك من جحود مقتضى الكتاب ، أما المعصية الثابتة بالدليل الظني كخبر الواحد فإنه لا يكفر مستحلّها ، ولكن يفسق إذا استخفّ بأخبار الآحاد فأما متأوّلا فلا لما عرفت.
وقال القاضي عضد الدين في المواقف : ولا يكفر أحد من أهل القبلة إلا فيما فيه نفي الصانع القادر العليم ، أو شرك ، أو إنكار للنبوّة أو ما علم مجيئه بالضرورة ، أو المجمع عليه كاستحلال المحرّمات ، وأما ما عداه فالقائل به مبتدع لا كافر انتهى. ولا يكفي أن المراد بقول علمائنا : لا نجوّز تكفير أهل القبلة بذنب ليس مجرد التوجّه إلى القبلة فإن الغلاة من الروافض الذين يدعون أن جبرائيل عليهالسلام غلط في الوحي فإن الله تعالى أرسله إلى عليّ رضي الله عنه ، وبعضهم قالوا : إنه إله وإن صلّوا إلى القبلة ليسوا بمؤمنين ، وهذا هو المراد بقوله صلىاللهعليهوسلم «من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمّة رسوله ، فلا تخفروا الله في ذمته» (١). كذا أورده البخاري في الصحيح.
قال القونوي : ولو تلفّظ بكلمة الكفر طائعا غير معتقد له يكفر لأنه راض بمباشرته وإن لم يرض بحكمه كالهازل به فإنه يكفر ، وإن لم يرض بحكمه ولا يعذر بالجهل ، وهذا عند عامّة العلماء خلافا للبعض.
قال : ولو أنكر أحد خلافة الشيخين رضي الله عنهم يكفر. أقول ولعل وجهه أنها ثبتت بالإجماع من غير نزاع ، أو لأن خلافة الصدّيق رضي الله عنه بإشارة صاحب التحقيق وخلافة عمر رضي الله عنه بنصب الصدّيق من غير تردّد في أمره بخلاف خلافة الختنين ، وأما من أنكر صحبة أبي بكر فيكفر لكونه إنكارا لنص القرآن حيث قال الله تعالى : (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) (٢). وإجماع المفسّرين على أنه المراد به.
ونقل عن التاتارخانية أن من قيل له : افعل هذا لله ، فأجاب لا أفعله كفر. وفيه أن أبرار المقسم من المستحبات كما ورد في الأحاديث ، فينبغي أن لا يكفر نعم ولو صرّح بأنه لا أفعله لله تعالى ، فالظاهر أنه يكفر.
__________________
(١) أخرجه البخاري ٣٩١ ، والنسائي ٨ / ١٠٥ من حديث أنس بن مالك.
(٢) التوبة : ٤٠.