____________________________________
الإيمان هو تصديق النبي صلىاللهعليهوسلم بالقلب في جميع ما علم بالضرورة مجيئه به من عند الله إجمالا وأنا كاف في الخروج عن عهدة الإيمان ولا تنحط درجته عن الإيمان التفصيلي كذا في شرح العقائد إلا أن الأولى أن يقال إجمالا : إن لوحظ إجمالا وتفصيلا إن لوحظ إجمالا وتفصيلا فإنه يشترط التفصيل فيما لوحظ تفصيلا حتى لو لم يصدق بوجوب الصلاة وحرمة الخمر عند السؤال كان كافرا ، ثم المراد من المعلوم ضرورة كونه من الدين بحيث يعلمه العامّة من غير افتقار إلى النظر والاستدلال كوحدة الصانع ووجوب الصلاة وحرمة الخمر ونحوها ، وإنما قيّد بها لأن منكر الاجتهاديات لا يكفّر إجماعا ، وأما من يؤوّل النصوص الواردة في حشر الأجساد وحدوث العالم وعلم الباري بالجزئيات ، فإنه يكفّر لما علم قطعا من الدين أنها على ظواهرها بخلاف ما ورد في عدم خلود أهل الكبائر في النار لتعارض الأدلة في حقهم.
والحاصل أن عدم انحطاط الإيمان الإجمالي عن التفصيلي إنما هو في الاتّصاف بأصل الإيمان ، وإلا فليس الإجمال كالتفصيل في مقام كمال العرفان وجمال الإحسان ، ثم اعتبار الإقرار في مفهوم الإيمان مذهب بعض العلماء وهو اختيار الإمام شمس الأئمة الحلواني وفخر الإسلام من أن الإقرار ركن إلا أنه قد يحتمل السقوط كما في حالة الإكراه ، وذهب جمهور المحقّقين إلى أن الإيمان هو التصديق بالقلب ، وإنما الإقرار شرط لإجراء الأحكام في الدنيا لمّا أن تصديق القلب أمر باطني لا بدّ له من علامة فمن صدّق بقلبه ولم يقرّ بلسانه فهو مؤمن من عند الله تعالى ، وإن لم يكن مؤمنا في أحكام الدنيا ، ومن أقرّ بلسانه ولم يصدّق بقلبه كالمنافق ، فهو بالعكس ، وهذا هو اختيار الشيخ أبي منصور الماتريدي رحمهالله.
والنصوص موافقة لذلك كقوله تعالى : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) (١) الآية. وقوله تعالى : (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (٢). وقوله تعالى : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٣). وقوله عليه الصلاة والسلام لأسامة حين قتل من قال لا إله إلّا الله : «هلّا شققت قلبه فنظرت أصادق هو أم كاذب» (٤). على ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود
__________________
(١) المجادلة : ٢٢.
(٢) النحل : ١٠٦.
(٣) الحجرات : ١٤.
(٤) أخرجه البخاري ٤٢٦٩ و ٦٨٧٢ ، ومسلم ٩٦ ح ١٥٨ و ١٥٩ ، وابن حبان ٤٧٥١ ، والواحدي في أسباب النزول ص ١١٧ ، والذهبي في السير ٢ / ٥٠٥ ، كلهم من حديث أسامة بن زيد.