ويراه المؤمنون ، وهم في الجنة بأعين رءوسهم بلا تشبيه ولا كمية ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة ....
____________________________________
البدر لا تضامون في رؤيته» (١). وفي رواية : لا تضارون وهو حديث مشهور في الصحيحين وغيرهما مذكور ، وقد رواه أحد وعشرون من أكابر الصحابة (٢) (ويراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رءوسهم) لقوله عليه الصلاة والسلام على ما رواه مسلم : «إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ، أم تدخلنا الجنة ، وتنجينا من النار! قال : فيرفع الحجاب أي عن وجوه أهل الجنة فينظرون إلى وجه الله سبحانه فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النظر إلى ربهم» (٣). ثم تلا قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى) أي الجن العليا (وَزِيادَةٌ) (٤) أي النظر إلى وجه المولى ، وهو قول الأكثر من السلف (بلا تشبيه) أي رؤية مقرونة بتنزيه لا مكنونة بتشبيه (ولا كيفية) أي في الصورة (ولا كمية) أي في الهيئة المنظورة (ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة) أي لا في غاية من القرب ، ولا في نهاية من البعد ، ولا يوصف بالاتصال ولا بنعت الانفصال ، ولا بالحلول والاتحاد كما يقوله الوجودية المائلون إلى الاتحاد فذات رؤيته ثابت بالكتاب والسّنّة إلا أنها متشابهة من حيث الجهة والكمية والكيفية فنثبت ما أثبته النقل وننفي عنه ما نزّهه العقل ، كما أشار إلى هذا المعنى قوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) (٥) أي لا تحيط به الأبصار في مقام الأبصار فإن الإدراك أخصّ من الرؤية والتشابه (٦) فيما يرجع إلى الوصف الذي يمنعه العقل لا يقدح في العلم بالأصل المطابق للنقل.
__________________
(١) أخرجه البخاري ٥٥٤ و ٥٧٣ و ٤٨٥١ و ٧٤٣٤ و ٧٤٣٥ و ٧٤٣٦ ، ومسلم ٦٣٣ ، وأبو داود ٤٧٢٩ ، والترمذي ٢٥٥٤ ، وابن ماجة ١٧٧ ، وأحمد ٤ / ٣٦٠ و ٣٦٢ و ٣٦٥ ، وابن مندة في الإيمان ٧٩١ و ٧٩٢ و ٧٩٣ و ٧٩٤ ، وابن خزيمة في التوحيد ص ١٦٨ و ١٦٩ ، واللالكائي ٨٢٥ و ٨٢٦ و ٨٢٧ ، وابن أبي عاصم في السّنّة ٤٤٣ و ٤٤٤ و ٤٤٥ ، والآجري في الشريعة ص ٢٥٧ و ٢٥٩ ، والطبراني في الكبير ٢٢٢٤ و ٢٢٢٥ و ٢٢٢٦ ، والحميدي ٧٩٩ ، كلهم من حديث جرير في عبد الله.
(٢) انظر الشريعة للآجري ص ٢٦٤ ـ ٢٧٠ ، والنهاية لابن كثير ٢ / ٣٠٠ ـ ٣٠٣ ، وشرح أصول الاعتقاد للالكائي ٣ / ٤٧٠ ـ ٤٩٩.
(٣) أخرجه مسلم ١٨١ ، والترمذي ٢٥٥٥ و ٣١٠٤ ، وابن ماجة ٨٨٧ ، وأحمد ٤ / ٣٢٢ و ٣٣٣.
والطيالسي ٥ / ١٣ ، والطبري ١٧٦٢٦ ، والآجري ص ٢٦١ كلهم من حديث صهيب الرومي.
(٤) يونس : ٢٦.
(٥) الأنعام : ١٠٣.
(٦) تصحّفت في الأصل إلى [ولتشابه] والصواب ما أثبتناه.