[تحقيق حول حدوث الاجسام]
قال : وهي حادثة ، لانها لو كانت أزلية لكانت اما متحركة أو ساكنة ، والقسمان باطلان. أما الملازمة فلانها حينئذ لا بد لها من مكان ، فان كانت لا بثة فيه كانت ساكنة ، وان كانت منتقلة عنه كانت متحركة ، ولا واسطة بينهما.
وأما بطلان الاول فلان الحركة عبارة عن حصول الجسم في حيز بعد أن كان في آخر ، فماهيتها تستدعي المسبوقية بالغير ، والازل ينافي المسبوقية بالغير ، فالجمع بينهما محال.
وأما بطلان الثاني فلانها لو كانت ساكنة لامتنعت الحركة عليها ، لان السكون الازلي يستحيل زواله ، والتالي باطل ، لانّ الاجسام متحركة بأجمعها : أما الفلكيات فظاهرة ، وأما العناصر فلانها اما بسائط واما مركبات.
أما المركبات فحركتها ظاهرة ، وأما البسائط فلان الجانب الذي يلاقي به بعضها بعضا مساو للجانب الاخر ، فيصح على الاخر الملاقاة ، وانما يكون ذلك بالحركة ، فصحت الحركة.
أقول : هذه المسألة من المسائل الشريفة وعليها يبتني قواعد الاسلام ، وهي المعركة العظيمة بين المتكلمين والحكماء ، وقد اختلف آراء الحكماء في هذا المقام :
فذهب أرسطو وثامسطيوت (١) وأبو نصر الفارابي وأبو علي ابن سينا وأتباعهم الى أن الاجسام السماوية قديمة بذواتها وصفاتها ، الا الحركات والاوضاع ، فانها حادثة بأشخاصها ، وان هيولى الاجسام العنصرية قديمة بذواتها ، وأما الصورة الجسمية والنوعية فحادثة ، وكذلك الاعراض التابعة لها.
__________________
(١) فى «ن» : ثامسطيوس.