و (١) الظلم من الله المجيد والعبث في التكليف والوعد والوعيد.
فالمراد من كونها بقضاء الله وقدره إمّا تعلقها بها كما فسّره أميرالمؤمنين عليهالسلام فإنّها أسباب ذاتية للطاعة عرضيّة للمعصية. والمراد منهما هنا السببيّة في الجملة.
وإمّا كونها صادرة عن الأسباب وبتوسّط الوسائط التي هي فعل الله حقيقة ، ومنها الارادة والاختيار كما عرفت ، حيث أنّ وجوده مشتمل على سائر الوجودات وعلمه محيط بكلّ المعلومات كما أشرنا إليه.
فعلى الأوّل يكون معنى الرضا بالقضاء فيها الرضا بتكليف الشارع ووعده ووعيده بها وهو من لوازم الايمان ، ولا منافاة له حينئذ أصلاً.
وعلى الثاني تكون لها جهتان واتّصافها بالمعصية والقبح وتعلّق الأمر ببغضها وزجر أربابها من حيث تعلّقها به وكونها أفعالاً اختيارية لهم حقيقة ، واتّصافها بكونها صادرة عن قضاء الله وقدره من الجهة الأخرى ، وليس الاتصاف بالعصيان من تلك الجهة لتعلّقه بنفس الفعل الذي هو فعل العبد دون أسبابه التي هي فعل الله تعالى.
وعليك بالتأمّل فيما تلوته عليك في هذا المقام فإنّه من مزالق الأقدام ، وقد خبط فيه بعض الأعلام بما يطول بنقله الكلام.
ومنه يظهر الجواب عن المنافاة بين ما دلّ على مدح الرضا وبين ما دلّ على بغض الكفّار والفجّار ومقتهم ، فإنّهم وإن كانوا من آثار صنعه ووجودهم صارد بقضائه وقدره الا أنّ بغضهم ليس لأجل وجودهم الذي هو منه ، بل هو خير محض يجب حبّه لأجله ، وإنما هو لأجل فعلهم الصادر عنهم بإرادتهم واختيارهم وليست الشرور الصادرة عنهم من لوازم وجودهم ، فإنّ كلّ مولود يولد على الفطرة ، والا لما صحّ التكليف والثواب والعقاب ، وما ينافي ذلك بظاهره من الآثار يجب تأويله بما ليس المقام مقام ذكره.
__________________
١ ـ كذا ، والظاهر زيادتها.