وفي الخبر : « أنّ موسى عليهالسلام سأل ربّه أن يدله على ما فيه رضاه ، فقال تعالى : إنّ رضاي في رضاك بقضائي ». (١)
وبهذا المضمون أخبار كثيرة ، وهذا من فوائد الرضا وهو من أعظمها ورضوان من الله أكبر.
وورد ذلك في تفسير : ( ولدينا مزيد ) (٢) يقول الله تعالى : « إنّي عنكم راض وهو أفضل من النعيم والهدية والتسليم ». (٣)
ورضا الله من العبد حبّه له ، وهو سبب لدوام النظر والتجلّي وهو غاية مراد المريدين.
تنبيه
أنكر بعض الناس تحقّق الرضا في أنواع البلاء وما يخالف الهوى وجعل الممكن فيها الصبر ، وهو كما قيل في ناحية من إنكار المحبّة (٤) ، فإن حبّ المخلوق قد يستغرق الهمّ بحيث يبطل إحساس الألم فتصيبه الجراحات ولايحسّ بألمها ، بل الطالب المسارع في شغل قد يعدو فتصيبه جراحة من شوك يدخل في رجله ونحوه ولا يشعر به ، وقد حكى الله تعالى عنالنسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ ما هو أعظم ، وحكايات العشّاق مشهورة مسطورة نظماً ونثراً ، وحبّ الله تعالى أعظم المحابّ وشغل القلب به من أعظم المشاغل فلايقاس بجماله جمال ، وكلّ جمال من آثار جماله ومظاهر قدرته وجلاله ، فأيّ بعد في أن تدهش به عقول ذوي العقول فلا يحسّوا بما يجري عليهم من المصائب والآلام ، وربما لم يبلغ المحبّ هذا المبلغ فيحسّ بالألم ، لكن يرضى به ويرغب إليه بعقله دون طبعه ، كالذي يفصد أو يحتجم بإرادته
__________________
١ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ٨٩.
٢ ـ ق : ٣٥.
٣ ـ المحجّة البيضاء : ٨ / ٨٧ وفيه تفصيل يعرف به المراد من الهدية والتسليم ، وليس فيه ذكر « النعيم ».
٤ ـ كذا ، والظاهر أنّ الصحيح : كما قيل من ناحية إنكار المحبة.