وأما صفة التوبة : فروي عن علي عليهالسلام : أنه سمع رجلا بحضرته يقول : أستغفر الله ، فقال له : ثكلتك أمّك ، أتدري ما الاستغفار؟ إنّ الاستغفار درجة العلّيّين وهو اسم واقع على ستة معان : أولها : الندم على ما مضى. والثاني : العزم على ترك العود إليه أبدا. الثالث : أن تؤدّي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله وليس عليك تبعة. والرابع : أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيّعتها فتؤدي حقها ، والخامس : أن تعمد إلى اللّحم الذي نبت على السّحت فتذيبه بالأحزان حتى تلحق (١) الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد. والسادس : أن تذيق الجسم ألم الطّاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول : أستغفر الله. (٢) وعن ابن عباس رضى الله عنه في قوله تعالى : (تَوْبَةً نَصُوحاً) [التحريم : ٨] ، قال : التوبة النصوح النّدم بالقلب والإقلاع بالبدن ، والإضمار على ألّا يعود ، والاستغفار باللسان (٣). وعن النبي صلىاللهعليهوآله : «التّوبة من الذنب أن يتوب العبد ثمّ لا يعود» (٤).
المبحث الرابع : في قبول التوبة : وقد دل على قبولها العقل والسمع ، متى وقعت على شروطها وصفتها. أما العقل : فهو أنّ من أساء إلى غيره بإساءة ثم اعتذر إليه لكونها إساءة لا لغرض ؛ لزمه (٥) قبول عذره ؛ لأن ذلك هو نهاية ما
__________________
(١) في (ب) : يلحق ، وفي النهج تلصق.
(٢) النهج ص ٧٧٤ رقم ٤١٧ ، وسقط الرابع والخامس من النهج وجعل الخامس الرابع. والكشاف ٤ / ٥٦٩ ، في تفسير : (تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) وآية «٨» من سورة التحريم باختلاف يسير
(٣) هو قول محمد بن كعب القرطبي كما ذكره القرطبي في تفسيره ١٨ / ١٢٩ ، والبغوي ٦ / ٢٣٥ ، والخازن ٦ / ٢٣٥.
(٤) أخرجه أحمد بن حنبل ٢ / ١٥٧ ، برقم ٤٢٦٤ ، عن عبد الله بن مسعود.
(٥) في (ب) : لزم.