السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [الجاثية : ٢١].
شبهة أخرى في إمامة عمر خاصة :
وهي أن يقال : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سمّى عمر بن الخطاب الفاروق ، ومعناه هو : الذي يفرق بين الحق والباطل ، وذلك يفيد معنى الإمامة ؛ فإن الحاجة إلى الإمام لتعريف الأحكام وإنفاذها على الأنام ، والتمييز بين الحلال والحرام ، وذلك هو عمر الفاروق.
والجواب : عن ذلك أنّ ذلك لا يفيد معنى الإمامة فإنّ عبد الله بن العباس رضي الله عنه كان يفرق بين الحق والباطل ، وكذلك عبد الله بن مسعود رحمهالله وغيرهما من علماء الصحابة ولم يقل أحد بأنهم أئمة لأجل ذلك.
وبعد فإنه لا خلاف بين علماء المسلمين المخالفين في إمامة علي عليهالسلام والموافقين في أنّ عليّا عليهالسلام كان أعلم من عمر ؛ فيجب كونه أولى بالإمامة منه. ولا شبهة في أنّ الصحابة من عمر فمن دونه كانوا يرجعون إلى علي عليهالسلام في العلم ولا يرجع إليهم ، وكان عمر يخطئ في المسائل فيردّه علي عليهالسلام ، نحو ما روي أنّ امرأة زنت فحملت عن الزنا فأمر عمر بن الخطاب برجمها وهي حبلى فقال له علي عليهالسلام : هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها؟ فترك عمر رجمها ، وقال : لو لا عليّ لهلك عمر (١). وغير ذلك مما حكم به عمر وهو غير صواب فيرده علي عليهالسلام ، حتى قال : لا أبقاني الله لمعضلة ليس فيها ابن أبي طالب (٢). وقال في بعضها : لا أراني الله معضلة في الدين لا يكون عليّ
__________________
(١) ينظر الأحكام للهادي ٢ / ٢٢٠. والمجموع للإمام زيد ٣٣٥. وفرائد السمطين ١ / ٣٥١. والمحب في الرياض النضرة ٢ / ١٩٤ ، وقد ذكر الأميني في الغدير ٦ / ٨٣ أمثلة كثيرة حول الموضوع.
(٢) فرائد السمطين ١١ / ٣٤٨. والفخر الرازي في تفسير سورة التين مج ١٦ ج ٣٢ ص ١١. وذخائر العقبى ص ٨٢ ، وقال أخرجه أحمد وأبو عمر. وابن عساكر ٣ / ٥٠ وذكر