هو مدّة الحياة ، وأجل الموت هو الوقت الذي علم الله تعالى بطلان حياة الحيّ فيه. وهو على ضربين أجل محتوم ، وأجل مخروم (١). فالمحتوم من الله تعالى يفعله كما شاء ومتى شاء وكيفما شاء (٢). قال تعالى : (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) [الواقعة : ٦٠] وقال عزوجل : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) [آل عمران : ١٤٥]. والمخروم هو ما كان من فعل العباد ، نحو ما يجب فيه القصاص والدية ، أو الدية ، أو كان قصاصا أو حدّا ، أو نحو ذلك ، فهذا الأجل من فعل العباد. ولا يجوز نسبته إلى الله تعالى ، والقتل فيه موت. وإنما قلنا : بأن في القتل موتا (٣) ؛ لأن في القتل ثلاثة أشياء : انتقاض البنية بالجرح ، وهو فعل العبد ، وفيه القصاص والدية والكفارة على بعض الوجوه. والثاني خروج الروح وهو النّفس المتفرق في الأعضاء ، المتردّد في مخارق الحي ، وذلك مفوض إلى الملك ، وقد أعطاه الله آلة يتمكن بها من إخراج ذلك من بدن الإنسان. والثالث الموت وهو فعل الله تعالى لا يقدر عليه غيره ، وهو معنى من جملة المعاني كالحياة ، وعليه يدلّ قول الله سبحانه : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) [الملك : ٢] وقد بيّنا فيما تقدم أنّ العباد فاعلون لتصرفاتهم ، وأنها ليست بقضاء من الله وقدر بمعنى الخلق ؛ فبطل بذلك قول المجبرة ، واختلف الناس في الأجل المخروم. مثاله : المقتول إذا قتل هل كان يجوز أن يحيى ، ويجوز أن يموت؟ على أقوال ثلاثة : فمنهم من قطع على (٤) أنه لو لم يقتل لبقي حيّا لا محالة. وهذا هو قول
__________________
(١) هو الذي يقتل فيه المقتول ، وسمي خرما ؛ لأن القاتل خرم عمره أي قطعه بما مكنه الله من قدرة ، ولم يمنعه بل خلى بينه وبينه ؛ لمصلحة الابتلاء والتمكين.
(٢) في (ب) و (ج) : وكيف شاء.
(٣) في (ب) : بأن القتل موت.
(٤) في (ب) بحذف على.