والعمود ـ الذي به ترتبط إحداهما بالاخرى ـ هو اتّباع النفس الناقصة للكاملة واقتدائها بها واهتدائها بهداها ـ من وجه ـ والفيوضات الواردة على المكلّف من النشأة الباقية ـ من وجه آخر ـ.
واللسان : هو الملك الذي ألهمهما الخير والصواب ، والعلم والحكمة ، والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة.
وكيفيّة الوزن : أن يقابل كلّ واحد واحد من الأعمال والأخلاق والعلوم بكلّ واحد واحد من مقابله ـ أو المجموع بالمجموع ـ فيعرف خيرها من شرّها ؛ وعلى هذا فالموزون بالأصالة إنّما هو الحسنات ـ دون السيّئات ـ وإنّما يعرف قدر السيّئات بالعرض.
ولهذا ورد الثقل والخفّة في الآيات بالإضافة إلى الحسنات فقط ـ دون السيّئات ـ
ولهذا أيضا قسّم الله أهل الحساب على قسمين : ثقيل الحسنات وخفيفها ـ ولم يذكر من تساوى حسناته سيئاته ، لأنّ الحسنات لا توزن بالسيّئات على هذا التقدير ـ.
* * *
هذا كلّه إذا نظرنا إلى ميزان يوم القيامة من جهة تعدّده وتكثّره ـ كما يستفاد من الآيات القرآنيّة ـ وأمّا إذا نظرنا إليه من جهة وحدته ، كما يظهر ممّا روي عن ابن عبّاس ـ قال : ـ «طول عمود الميزان ما بين المشرق والمغرب ، وكفّة الميزان كأطباق الدنيا في طولها وعرضها ، وإحدى الكفّتين عن يمين العرش ـ وهي كفّة الحسنات ـ والاخرى عن يسار العرش ـ وهي كفّة السيّئات ـ (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [٧٠ / ٤]».