غيره لا يرضى ، وإذا جفي عاتب وما استقصى ، ولا يضيع من لاذ به والتجأ ، ويغنيه عن الوسائل والشفعاء.
فمن اجتمع له جميع ذلك ـ لا بالتكلّف ـ فهو الكريم المطلق ، وهو الله تعالى فقط.
وقد يتمحّل العبد اكتسابها ـ ولكن في بعض الامور ومع نوع من التكلّف ـ فلذلك قد يوصف بالكرم ؛ وفي الحديث (١) : «لا تقولوا لشجرة العنب الكرم ، وإنّما الكرم الرجل المسلم».
الرقيب
هو الحفيظ العليم ، فمن راعى الشيء حتّى لم يغفل عنه ، ولاحظه ملاحظة دائمة لازمة ـ لزوما لو عرفه الممنوع عنه لما أقدم عليه ـ سمّي
__________________
(١) ـ المصدر : «لا تقولوا للعنب الكرم ...». مسلم : (كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها ، باب كراهة تسمية العنب كرما ، ٤ / ١٧٦٣ ، ح ٦ و ١٠) : «لا يقولنّ أحدكم للعنب الكرم ، إنما الكرم الرجل المسلم» ؛ وفي حديث آخر (نفس المصدر) : «... فإن الكرم قلب المؤمن». الجامع الكبير (٨ / ١٧٩ ، ح ٢٥٢٧٠) : «لا تقولوا : الكرم ؛ ولكن قولوا : العنب والحبلة». ومثله في كنز العمال : ١٦ / ٤٢٧ ، ح ٤٥٢٥٨.
قال ابن الأثير (النهاية : ٤ / ١٦٧) : «قيل : سمّي الكرم كرما لأنّ الخمر المتّخذة منه تحثّ على السخاء والكرم ، فاشتقّوا له منه اسما ، فكره أن يسمّى باسم مأخوذ من الكرم ، وجعل المؤمن أولى به». وقال الزمخشري (الفائق : ٣ / ٢٥٧) : «أراد أن يقرّر ويشدّد ما في قوله عزوجل : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [٤٩ / ١٣] بطريقة أنيقة ومسلك لطيف ... وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرما ، ولكن الرمز إلى هذا المعنى ؛ كأنه قال : إن تأتّى لكم أن لا تسمّوه مثلا باسم الكرم ـ ولكن بالجفنة والحبلة ـ فافعلوا ... فإنما المستحقّ للاسم المشتقّ من الكرم المسلم ...».