(لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) النبأ : ٢٣. قالوا : والنار موجب غضبه ، والجنة موجب رحمته. وقد قال صلىاللهعليهوسلم : «لما قضى الله الخلق ، كتب كتابا ، فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي» (٦٠٢). وفي رواية : «تغلب غضبي». رواه البخاري في «صحيحه» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قالوا : والله سبحانه يخبر عن العذاب أنه : (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) الانعام : ١٥. و (أَلِيمٍ) هود : ٢٦. و (عَقِيمٍ) الحج : ٥٥. [ولم يخبر] ولا في موضع واحد عن النعيم أنه نعيم يوم. وقد قال تعالى : (عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ) (٦٠٣) ، وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ الأعراف : ١٥٦. وقال تعالى حكاية عن الملائكة : (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) غافر : ٧. فلا بد أن تسع رحمته هؤلاء المعذّبين ، فلو بقوا في العذاب لا الى غاية لم تسعهم رحمته. وقد ثبت في «الصحيح» تقدير يوم القيامة بخمسين ألف سنة (٦٠٤) ، والمعذّبون فيها متفاوتون في مدة لبثهم في العذاب بحسب جرائمهم ،
__________________
ـ ومثل حديثه المرسل في ابطال الوضوء بالقهقهة ، وهو ضعيف باتفاق المحدثين!.
سامح الله ابن القيم وغفر له ، فإنه بتصحيحه لمثل هذا الأثر عن عمر رضي الله عنه يفتح بابا كبيرا لبعض الفرق الضالة يلجون فيه إلى تأييد ضلالهم ، كالعاديانية ، فإن من خلالهم القول بفناء النار ، وانتهاء عذاب الكفار ، كما بينته في «السلسلة» المشار إليها ، عند الكلام على الحديث الذي في معنى هذا الأثر. وكنت أشرت إليه في الكلام على هذا الأثر. فلما وقفت على إسناده تكلمت عليه بتفصيل ، وألحقته بالحديث المشار إليه.
وجملة القول : أن هذا الأثر لا يصح عن عمر ، كما لا يصح عن غيره مرفوعا ، والله ولي التوفيق. وراجع لهذا البحث كتاب «رفع الاستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار». للعلامة الصنعاني بتقديمي وتعليقي.
وقد روي نحوه عن عبد الله بن عمرو موقوفا بسنده ضعيف ، وأبي أمامة مرفوعا بسند فيه تالف ، وقد تكلمت عليه في «سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة» كما تقدم قريبا.
(٦٠٢) متفق عليه وقد تقدم الحديث (رقم ٣٠٨).
(٦٠٣) قال عفيفي : انظر (٢٥٤ ـ ٢٧٩) من «أحاديث الأرواح».
(٦٠٤) صحيح أخرجه مسلم في حديث لأبي هريرة في عقوبة مانع الزكاة يوم القيامة. وفي الباب عن ابن عمرو عند الحاكم. (٤ / ٥٧٢) وصححه ووافقه الذهبي.