وبصياغة جديدة للمعنى الذي ذكرناه نقول : إن نطفة الرجل ومنيه هو الذي يحمل الذكورة والأنوثة ، فمنه الذكر ، ومنه الأنثى ، فإن لقح البويضة الحيوان المنوي الذكر ، كان الولد ذكرا ، وإن لقحها الحيوان المنوي المؤنث ، كان الولد أنثى ، (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ، وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) (سورة الأعراف : آية ١٨٩).
إذن فالزوجية التي كنا نعرفها عن الخلية الجنسية في الحيوان المنوي والبويضة كانت أمرا ظاهرا ، وراءه أمر باطن لا يعلمه كثير من الناس ، وهو أن الحيوان المنوي ذاته أيضا كان منه الزوجان الذكر والأنثى.
وعند ذلك نفهم الآية فهما جديدا ، ما كان لأسلافنا أن يفهموه ، ألا وهو أن قوله تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ، ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ، فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) أي : جعل من المني الذي يمنى الزوجين الذكر والأنثى.
وهو أوضح وأصرح في قوله تعالى : (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى).
فالآية صريحة في أن الذكر والأنثى من نطفة الرجل ومنيه ، وأن هذا المني يحمل الذكور إلى جانب الإناث أزواجا أزواجا.
ألا ترى معي أيها القارئ الكريم أن هذه الآية من أكبر الأدلة القاطعة على أن هذا القرآن من عند خالق الإنسان والعالم بأسراره وخفاياه ، وأنه يستحيل أن يكون من عند البشر ، إذ لم يكن عند الإنسان حتى عصر قريب أية معلومات عن هذه الحقيقة في الحيوان المنوي ..؟!.
بلى ... ولا يسعنا إلا أن نقول : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها ، مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ، وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).
كما لا يسعنا إلا أن نذكر شعار الخلق في القرآن ، الذي أصبح اليوم شعار علماء الكون والحياة : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).