لننظر إلى قوله تعالى : (يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) فإن فيه إشارة إلى التتابع والتلاحق والجريان ، دائما وأبدا ، دون توقف أو انتظار.
ولكن إلى أين يجريان ويتتابعان ، وكيف ..؟
هل يجريان في طريق مستقيمة إلى اللانهاية ..؟ إذا لكان من المفترض ألا يمر على الأرض إلا ليل واحد ونهار واحد ...
لكننا كنا وما زلنا نراهما متعاقبين متتابعين وفي نظام واحد ، تطلع الشمس من المشرق ، وتغيب في جهة المغرب.
لنتأمل هذه الصورة الفنية في القرآن الكريم ، ثم ننتقل إلى الصورة الأخرى في قوله تعالى : (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ ، وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ) (سورة الزمر : آية ٥). نجد أن الآية واضحة كل الوضوح في حركة الأرض ودورانها.
فهناك تكوير الليل على النهار ، ليخفيه ويكون الليل.
وتكوير النهار على الليل ، ليمحوه ويكون النهار.
وبين هذين التكويرين نرى جرما كرويا يتحرك بينهما فيجعلهما يتكوران أحدهما على الآخر.
فغشيان الليل النهار ، وغشيان النهار الليل ، لم يكن بشكل عادي مستقيم ، وإنما كان بالتكوير ، الذي لا يمكن أن ينتج إلا عن حركة جسم كروي فيه (١) ، يدور حول محوره.
فكيف يمكن تفسير هذه الظاهرة القرآنية على زمن اليقينيات العلمية ، وسط صحراء جزيرة العرب.
إنها لا تفسير لها ولا حل ، إلا بالقول بأنها من وحي الله.
__________________
(١) براهين : ص ٧٤.