قلت : ويحتمل أن يراد بمضاعفة العذاب شدّته لأن الآية في المشرك والفاسق وإن تبقى الآية على ظاهرها لأن ندمه قد حصل عن كل معصية ارتكبها (١).
فإن قيل : يلزم على ظاهر الآية التّساوي بين رجل بارز الله تعالى بأنواع المعاصي ثم تاب ومات عقيب التوبة ، ورجل فعل معصية واحدة ثم تاب ومات عقيبها أيضا بل الأكثر عصيانا أكثر ثوابا لأن الله سبحانه يبدّل مكان سيّئاته حسنات.
قلنا : قد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بذلك ولا ملجأ للتأويل وقد روى الإمام محمد بن المطهر عليهالسلام في عقود العقيان وغيره عن زين العابدين عليهالسلام وسلمان الفارسي وسعيد بن المسيب مثل قولنا ، وأكده واحتجّ له بأخبار رواها.
منها : أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أتاه رجل فقال يا رسول الله : أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ولم يترك منها شيئا ... إلى قوله : هل لذلك من توبة؟
قال : «هل أسلمت؟ قال : أنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله قال : نعم تفعل (٢) الخيرات وتترك السيّئات يجعلهن الله خيرات كلهن
__________________
(١) واعلم أن في الآية ثلاثة وجوه :
أحدها : ما ذكره السيد رحمهالله تعالى من حملها على ظاهرها.
الثاني : أن الله سبحانه وتعالى يمحو السيئات من صحائفهم ويكتب الحسنات مكانها بعد التوبة.
وثالثها : أن الله تعالى يبدّلهم في الدنيا طاعة الله بعد عصيانه وذكره بعد نسيانه والخير يعملونه مكان الشر كالعدل مكان الظلم والعفّة مكان الزنا ، وقتل المشركين مكان قتل المسلمين ومعنى هذا أنه ما نقلهم إلّا إلى خير ممّا كانوا عليه وأنه يلطف بهم حتى يعملوا هذه المحاسن انتهى هكذا ذكره في تجريد الكشاف والله سبحانه وتعالى أعلم.
(٢) (أ) يفعل وكذا يترك بالياء.