لا لمن لم ينسب إليهما ، كذلك القدري هو من أثبت أفعال العباد خلقا لله وزعم أنها بقدر الله أي بخلقه «كثنويّ» فإنه اسم «لمن أثبت إلها ثانيا مع الله تعالى عن ذلك ، لا لمن ينفيه» أي الثاني.
فإن قيل : هو منسوب إلى القدرة لأنّ العدلية أثبتوها للعبد فهو اسم لهم باعتبار ذلك؟
قلنا : فالنسبة إليه حينئذ (قدريّ) بضم القاف وسكون الدال.
فإن قيل : إن العدلية أثبتوا القدر للعبد حيث قالوا : إن المعاصي بقدر العبد فصحّت النسبة إليهم من الإثبات؟
قلنا : هذا ليس من عباراتهم فهم لا يقولون : إن المعاصي ولا الطاعات بقدر العبد فلم يضيفوا القدر إلى العبد البتّة ولم يلهجوا بذكر القدر أصلا ، وإنما يقولون : المعصية والطاعة فعل للعبد فعله باختياره ومع ذلك لا يمتنع أن يسمّى خلقا لأنه أحدثه وأوجده ، وكل موجود محدث مخلوق بخلاف المجبرة فإنهم يلهجون بذكره ويفزعون عند معاصيهم إليه ويضيفونه إلى الله تعالى فيقولون : قضاء الله وقدره أوجب العصيان.
وقد أوضحه عليهالسلام بقوله : «ولأنهم يلهجون به» أي بالقدر ومن لهج بالشيء نسب إليه كما يقال : أموريّ لمن يثبت الصفات أمورا زائدة على الذات ، وطبعيّ لمن يثبت للطبع تأثيرا. وأيضا فقد صحّ أنهم القدرية لما ذكرناه «و» الدليل سمعي وذلك «لما روي عن النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المجوس» أي في صفتهم لعنهم الله تعالى «أن رجلا من فارس جاء إلى النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال : رأيتهم ينكحون أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم فإذا قيل لهم : لم تفعلون ذلك؟ قالوا : قضاء الله وقدره ، فقال النبيء صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «أما إنّه سيكون من أمّتي قوم يقولون مثل ذلك».
فصرح صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن الذين أشبهوا المجوس من أمّته هم الذين يفعلون المعصية ويقولون هي بقضاء الله وقدره.