ما للعباد عليه حق واجب |
|
هو أوجب الأجر العظيم الشأن |
كلا ولا عمل لديه ضائع |
|
إن كان بالإخلاص والإحسان |
ان عذبوا فبعدله أو نعموا |
|
فبفضله والحمد للمنان |
الشرح : قال أهل السنة والجماعة : إنه لا يجب على الله شيء ، لأن الوجوب معناه أن أحدا أوجب عليه ، وليس فوقه سبحانه من يوجب عليه شيئا ، قال تعالى : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) [الأنبياء : ٢٣] فلا يجب عليه سبحانه اثابة المطيع ولا عقاب العاصي ، بل الثواب محض فضله وإحسانه ، والعقاب محض عدله وحكمته ، ولكنه هو سبحانه الذي يوجب على نفسه ما يشاء ، فيصير واجبا عليه بمقتضى وعده الذي لا يخلف ، كما قال تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام : ٥٤] وكما قال سبحانه : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم : ٤٧].
وقال المعتزلة بناء على أصولهم العقلية الفاسدة انه يجب على الله عقلا إثابة المطيع وعقاب العاصي ، بحيث لو لم يفعل لكان في زعمهم مذموما ، فارتكبوا بذلك أكبر حماقة ، حيث حكموا على ربهم بعقولهم وقاسوه على الحكام من خلقه ، بل جرى العرف على أن الحاكم إذا عفا عن المسيء كان ذلك منه حسنا يستحق عليه المدح ، وهو يوجبون على ربهم عقاب المذنب بحيث لا يجوز منه العفو أصلا ، لأن وعيده عندهم كوعده ، كل منهما واجب التحقيق ، وفاتهم أن القبيح هو خلف الوعد ، وأما خلف الوعيد فكرم ، كما قال الشاعر :
واني إذا أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف ايعادي ومنجز موعدي |
وفي هذه الأبيات الثلاثة بيان لمذهب أهل السنة في أنه ليس للعباد حق واجب على الله ، وإنه مهما يكن من حق فهو الذي أحقه وأوجبه ، ولذلك لا يضيع عنده عمل قام على الإخلاص والمتابعة ، فإنهما الشرطان الأساسيان لقبول الأعمال ، فإذا توفرا في عمل ما كان مقبولا بمقتضى وعده سبحانه وإيجابه ، واستحق