والمقدرة ثابتة له سبحانه ، يستحقها بما له من نعوت الكمال وصفات الجلال والجمال ، ومن هنا كان الأرجح في (ال) من قولنا الحمد لله إنها لاستغراق الأفراد.
وقد ذكر المؤلف أن اسمه (الحميد) يأتي على وجهين :
أحدهما : أن جميع المخلوقات ناطقة بحمده ، فكل حمد يقع منهم في الدنيا والآخرة ، بل وكل حمد لم يقع وإنما كان مفروضا مقدرا في آنات الزمان المتتابعة بحيث يملأ الوجود كله علويه وسفليه ، بل ويملأ مثله من غير عد ولا إحصاء فإنه سبحانه يستحقه على خلقه حيث كان هو خلقهم ورزقهم وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة دينية ودنيوية ودفع عنهم النقم والمكاره ، فليس بالعباد من نعمة إلا وهو موليها ولا يدفع الشر عنهم سواه فيستحق منهم أن يثنوا عليه بما هو أهله ثناء لا فتور له ولا انقطاع.
والثاني : أنه يحمد على ما له من الأسماء الحسنى والصفات العليا التي لا تنبغي إلا له فله كما قدمنا صفات الكمال كلها بحيث لا يجوز خلوه عن أي كمال ممكن له ، وله من كل صفة غاية كمالها الذي لا ينتظر كمال بعده ، فكل صفة من صفاته يستحق عليها أكمل الحمد والثناء فكيف بجميع صفاته المقدسة.
فله الحمد لذاته وله الحمد لصفاته وله الحمد لأفعاله لأنها دائرة بين أفعال الفضل والإحسان ، وبين أفعال العدل والحكمة التي يستحق عليها كمال الحمد وله الحمد على خلقه ، وعلى شرعه ، وعلى أحكامه القدرية الكونية ، وعلى أحكامه القدرية الكونية ، وعلى أحكامه الشرعية التكليفية. وعلى أحكامه الجزائية في الأولى والآخرة.
وتفاصيل حمده وما يحمد هو عليه سبحانه لا تحيط بها الأفكار ولا تحصيها الأقلام.
* * *