من ذهب وأن تكون الأساور مركبة من الأمرين معا ، الذهب المرصع باللؤلؤ والله أعلم بمراده.
وهذه الحلى لا تختص بالإناث في الجنة ، بل هي للذكور والإناث جميعا. بل روي عن الحسن أن الحلى في الجنة على الرجال أحسن منه على النساء ، وهم الرجال الذين تركوا لباس الحرير والذهب في الدنيا ليظفروا بلباسها في الجنة.
وقد ورد أن حلية المؤمن في الجنة تبلغ إلى حيث يبلغ وضوؤه ، فقد أخرجا في الصحيحين والسياق لمسلم عن أبي حازم قال : (كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة ، فكان يمد يده حتى يبلغ إبطه ، فقلت يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ فقال يا بني فروخ أنتم هاهنا؟ لو أعلم أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» وقد احتج بهذا من يرى استحباب غسل العضد وإطالته ، وكذا غسل الساق ، والصحيح أنه لا يستحب. والحديث لا يدل على الإطالة ، فإن الحلية إنما تكون زينة في الساعد والمعصم لا في العضد والكتف. وكذلك لا تكون زينة في الساقين ولكن في موضع الكعبين ، فالصحيح أن تمام الوضوء هو غسل اليدين إلى المرفقين وغسل الرجلين إلى الكعبين ، وهذا هو الذي حده الله في كتابه حيث قال في آية الوضوء : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة : ٦] فالواجب أن يوقف عند ما حدّه الله تعالى بلا زيادة ولا نقصان ، ولا سيما وقد بيّنه الرسول صلىاللهعليهوسلم بفعله أحسن بيان.
وأما قوله في الحديث الآخر : «فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» بعد قوله : «يبعث أمتي غرا محجلين من آثار الوضوء» فالصحيح أن هذه الجملة الشرطية موقوفة على أبي هريرة وأنها ليست من تمام الحديث ، بل قالها أبو هريرة بناء على ما فهمه من الحديث ، وقد بيّن ذلك غير واحد من الحفاظ ، فقد جاء في مسند الإمام أحمد في هذا الحديث أن نعيما راوي الحديث قال : فلا أدري قوله من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ، من كلام النبي صلىاللهعليهوسلم أو شيء قاله أبو هريرة من عنده.