أصلا لا في وجوده ، ولا في بقائه ، ولا فيما اتصف به من كمال ، ولا فيما يصدر عنه من أفعال ، فإن غناه كما قدمنا ذاتي له فلا يطرأ عليه فقر أو حاجة.
والثاني : أنه الكثير القيام بتدبير خلقه ، فكل شيء في هذا الوجود مفتقر إليه فقرا ذاتيا أصيلا لا يمكن أن يستغني عنه في لحظة من اللحظات ، فهو مفتقر إليه في وجوده أولا وفي بقائه بعد الوجود ، فهو الذي يمده بأسباب البقاء ، فلا يقوم شيء في الوجود كله إلا به ، فهو دائم التدبير والرعاية لشئون خلقه ، لا يمكن أن يغفل عنهم لحظة وإلا اختل نظام الكون وتحطمت أركانه ، قال تعالى : (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) [الأنبياء : ٤٢] وقال : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) [فاطر : ٤١].
فهذا الوصف من أوصافه سبحانه ذو شأن عظيم كشأن موصوفه ، إذ هو متضمن بمعناه الأول لكمال غناه وعظمته ، ومتضمن بمعناه الثاني لجميع صفات الكمال في الفعل ، إذ لا تمام لها إلا بقيوميته.
ومن أسمائه الحسنى كذلك (الحي) وقد ورد مقترنا باسمه القيوم في ثلاثة مواضع من القرآن :
١ ـ في آية الكرسي من سورة البقرة قال تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [٢٥٥].
٢ ـ في أول سورة عمران ، قال تعالى : (الم اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) [١ ، ٢].
٣ ـ في سورة طه ، قال تعالى : (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) [١١١].
ومعنى الحي الموصوف بالحياة الكاملة الأبدية التي لا يلحقها موت ولا فناء ، لأنها ذاتية له سبحانه ، وكما أن قيوميته مستلزمة لسائر صفات الكمال الفعلية فكذلك حياته مستلزمة لسائر صفات الكمال الذاتية من العلم والقدرة والإرادة