وكذلك لفظ التلاوة ، إذا عرف باللام كان محتملا لمعنيين أن يراد به المتلو فيكون غير مخلوق كهذه الأكوان المخلوقة ، وقد يراد به أفعال العباد من أدائهم وأصواتهم ، فهذا مخلوق.
* * *
هذا الذي نصت عليه أئمة ال |
|
إسلام أهل العلم والعرفان |
وهو الذي قصد البخاري الرضي |
|
لكن تقاصر قاصر الأذهان |
عن فهمه كتقاصر الافهام عن |
|
قول الامام الأعظم الشيباني |
في اللفظ لما أن نفى الضدين |
|
عنه واهتدى للنفي ذو عرفان |
فاللفظ يصلح مصدرا هو فعلنا |
|
كتلفظ بتلاوة القرآن |
وكذاك يصلح نفس ملفوظ به |
|
وهو القرآن فذان محتملان |
فلذاك أنكر أحمد الإطلاق في |
|
نفي وإثبات بلا فرقان |
الشرح : يعني أن هذا الذي ذكره من التمييز بين التلاوة والمتلو ، وبين الكتابة والمكتوب ، هو الذي نصت عليه أئمة الهدى أهل العلم الصحيح والمعرفة الحقة ، وهو الذي قصد إليه الامام البخاري المرضي العقيدة والإيمان ، ولكن بعض قصار النظر ممن قلت درايتهم بهذه الشئون تقاصروا عن فهم كلامه ، ولم يفطنوا الى ما قصده بهذا التفصيل من رفع الإيهام وازالة الالتباس ، وخشوا أن يتخذ الجهمية والمعتزلة من كلامه سلما إلى ما يريدون من اثبات أن القرآن مخلوق ، وقد جرت بين الإمام البخاري وبين أحمد بن يحيى الذهلي محنة مشهورة سببها سوء فهم الأخير لكلام البخاري وقصده ، كما تقاصرت الأفهام أيضا عن قول الإمام أحمد لما سئل : هل لفظي بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق؟ فقال : لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق ، فأنكروا عليه نفي الضدين عنه واهتدى أولو المعرفة الى سر ذلك النفي وحكمته ، وذلك أن كلمة اللفظ من الكلمات المجملة التي لا يجوز الحكم عليها بنفي أو إثبات قبل التفصيل ومعرفة المراد منها ، فإنها تصلح أن تكون مصدرا بمعنى التلفظ ، وهي بهذا المعنى فعل العبد مخلوق.