وأيضا فإنه قد قيل : إنه لم يرد بقوله : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) (١) ولدا ، ولهذا قال : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) (٢).
وإنما أراد به : وليا يقوم مقامه فى العلم ، وأمر الدين.
وقوله فى موضع آخر : (هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ) (٣) ، وليس فيه ما يدل على طلب الولد ؛ بل من يكون من ذرية طيبة يكون لى وليا ، ولهذا لم يقل من ذريتى (٤).
قولهم : إن فاطمة كانت معصومة عن الخطأ ؛ لا نسلم.
قولهم : إنها كانت من أهل البيت ، مسلم ؛ ولكن لا نسلم أن أهل [البيت] (٥) معصومون.
والآية فقد نقل الضحاك. أنه لما نزلت هذه الآية ، قالت عائشة : «يا نبى الله ، أنحن من أهل بيتك الذين قد أذهب الله عنهم الرجس بالتطهير» (٦) ، فقال عليه الصلاة والسلام ، يا عائشة أو ما تعلمين أن زوجة الرجل هى أقرب إليه فى التودد والتحبب من كل قريب.
وأن زوجة الرجل مسكن له ، والّذي بعثنى بالحق نبيّا ؛ لقد خصّ الله بهذه الآية فاطمة ، وزينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وعليا ، والحسن ، والحسين ، وجعفرا ، وأزواج محمد ، وخاصته ، وأقرباءه.
وإذا ثبت ذلك فالآية تتناول الكل تناولا واحدا (٧).
وقد أجمعنا على أنها غير مقتضية لعصمة الزوجات وعصمة العباس ، وغيره من الأقارب ؛ فكذلك فى غيرهم.
قولهم : يلزم من ذلك إبطال فائدة التخصيص ؛ ليس كذلك ؛ فإنه جاز أن يكون ما صرف عن أهل البيت من الرجس الخاص ، غير مصروف عن غيرهم.
__________________
(١) سورة مريم ١٩ / ٥.
(٢) سورة مريم ١٩ / ٨.
(٣) سورة آل عمران ٣ / ٣٨.
(٤) قارن بالجامع لأحكام القرآن ١ / ٧٩ وما بعدها ، وتفسير ابن كثير ١ / ٣٦٠.
(٥) ساقط من أ.
(٦) انظر الضحاك فى زاد المسير ٣ / ٣٨٣.
(٧) قارن به تفسير ابن كثير ٣ / ٤٨٣ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ـ ص ٢٩٨ وما بعدها.