قلنا : الحديث ، حديث مشهور ، ولم يوجد له نكير ممّن يوثق به ؛ فكان حجة.
قولهم : إنه لو فعل عليّ ذلك ؛ لما ساغ من النّبيّ إنكاره عليه ؛ لكونه فعلا مباحا.
قلنا : الاحتجاج إنما هو بقول النّبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إن عليا قد آذانى» ولا شك أن إيذاء النبىّ محرم.
وعند ذلك : فإما أن يكون إيذاؤه بما عطفه على قوله : «وخطب بنت أبى جهل» ، أو بغيره.
فإن كان الأول : فالخطبة / لا تكون مباحة ؛ بل محرمة.
وإن كان بغيره : فلم يكن منكرا للخطبة حتى يلزم ما قيل.
قولهم : خلع الحسن ـ عليهالسلام ـ نفسه عن الإمامة ، إنما كان ؛ لأنه ظنّ هلاك نفسه ، وشيعته ، بتقدير البقاء على الإمامة ؛ فكان ملجأ إلى ذلك غير مختار.
قلنا : نحن نعلم علما ضروريا ، أن خوف الحسن على نفسه ، وشيعته ، بتقدير بقائه على الإمامة ، لم يكن منتهيا إلى خوف الحسين ، من خروجه إلى الكوفة.
ولهذا فإن أكثر أصحاب الحسن ، وشيعته كانوا يلومونه على خلع نفسه من الإمامة ، حتى أنهم سمّوه مذلّ المؤمنين ، على ما سبق.
وأكثر أصحاب الحسين وشيعته ، كانوا يلومونه على الخروج ، إلى الكوفة : كابن عباس ، وابن عمر ، وغيرهما من سادات الصحابة ، ولو لا أن الخوف اللازم [من خروج الحسين إلى الكوفة أتم] (١) من الخوف اللازم من ، بقاء الحسن على الإمامة ؛ لما كان كذلك.
وعند هذا فإما أن يكون ما انتهى إليه خوف الحسن ، مجوّزا لخلع نفسه ، وترك ما وجب عليه ، أو لا يكون كذلك.
فإن كان الأول ؛ لزم أن يكون الحسين ، قد أوقع نفسه فى التهلكة مع غلبة الظن بوقوعها ؛ فإنا بيّنا أن خوف الخروج إلى الكوفة ، أتم من خوف بقاء الحسن على الإمامة ، وإلقاء النفس فى التهلكة ، مع ظن وقوعها حرام ؛ فلا يكون الحسين معصوما.
__________________
(١) ساقط من (أ).