وعند ذلك : فلا يمتنع التفاوت بين إيمان النبي ، وإيمان الواحد منا بسبب كثرة تخلل الغفلة ، والفتور بين أعداد الإيمان المتجدّدة للواحد منا ، وقلّة تخللها بين الإعداد المتجدّدة من إيمان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، أو بسبب ما يعرض لنا من الشّبه والتّشكيكات التى يفتقر فى دفعها إلى الاجتهاد بالنّظر ، والاستدلال بخلاف النبىّ صلىاللهعليهوسلم.
قولهم : إنّ الفسوق يقابل الإيمان ، ولا يجامعه ؛ ممنوع.
وقوله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) (١). ليس فيه ما يدل على كون الفسوق مقابلا للإيمان ، ولهذا فإنه لو قال ـ تعالى ـ إن الله تعالى حبّب إليكم العلم به ، وكرّه إليكم الفسوق ؛ فإنه لا يدلّ على المناقضة بين العلم به ، والفسوق.
وكون الكفر مقابلا للإيمان ، لم يكن مستفادا من الآية ؛ بل من ضرورة التّضاد بينهما عقلا.
وإن سلمنا دلالة ما ذكروه على مناقضة الفسوق للإيمان ، غير أنه معارض بما يدل على عدمه ، ودليله قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (٢) فإنه يدل على مقارنة الظلم للإيمان.
وأيضا قوله ـ تعالى ـ (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) (٣). وذلك يدلّ على مجامعة الظّلم لمن اصطفاه الله ـ تعالى ـ ؛ والمصطفى لا يكون إلا مؤمنا.
قولهم : إنّ فعل الكبيرة مما ينافى الإيمان ؛ لا نسلّم ذلك.
قولهم : المؤمن مرحوم ؛ لما ذكروه من النّص. مسلم أيضا ؛ ولكن ليس فيه ما يدل على منافاة الكبيرة للإيمان.
وقوله ـ تعالى ـ فى حقّ مرتكب الكبيرة ، (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) (٤). ليس فيه ما يدلّ أيضا / / على كون المؤمن غير مرحوم من الله ـ تعالى ـ ولا سيما مع
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ / ٧.
(٢) سورة الأنعام ٦ / ٨٢.
(٣) سورة فاطر ٣٥ / ٣٢.
(٤) سورة النور ٢٤ / ٢.
/ / أول ل ١٣٦ / أ