تعالى.
وذلك مما لا وجه له أيضا عندنا ، فإنه تعالى لا يجوز أن يخاطبنا بخطاب يريد به غير ما يقتضيه ظاهره ثم لا يدل عليه ، لأن ذلك يقدح في حكمته ويصير ملغزا معميا.
ويقال لهم أيضا : لو جاز أن يكون في عمومات الوعيد شرط أو استثناء لم يبينه الله تعالى ، لجاز مثله في عمومات الوعد ، بل كان يجوز مثله في الأوامر والنواهي ، والمعلوم خلافه.
فإن قالوا : لا تكليف علينا في عمومات الوعيد ، وليس كذلك الحال في الأوامر والنواهي ، قلنا : ليس الحال على ما ظننته في عمومات الوعيد تكليفا ، وهو أن نعتقد أنه تعالى لا يخلف في وعده ولا في وعيده ولا يغير قوله ولا يبدله ، كما أخبر به حيث يقول : (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩)).
فصل
وقد أورد رحمهالله بعد هذه الجملة فصلا ، وجملة ما يجب أن يحصل فيه الكلام في الصفة التي يجب أن يكون عليها المفسر لكتاب الله عزوجل.
شروط المفسر لكتاب الله :
اعلم أنه لا يكفي في المفسر أن يكون عالما باللغة العربية ، ما لم يعلم معها النحو والرواية ، والفقه الذي هو العلم بأحكام الشرع وأسبابها ، ولن يكون المرء فقيها عالما بأحكام الشرع وأسبابها إلا وهو عالم بأصول الفقه ، التي هي أدلة الفقه والكتاب والسنة والإجماع والقياس والأخبار وما يتصل بذلك. ولن يكون عالما بهذه الأحوال إلا وهو عالم بتوحيد الله تعالى وعدله ، وما يجب له من الصفات وما يصح وما يستحيل ، وما يحسن منه فعله وما لا يحسن بل يقبح ، فمن اجتمع فيه هذه الأوصاف وكان عالما بتوحيد الله وعدله وبأدلة الفقه وأحكام الشرع ، وكان بحيث يمكنه حمل المتشابه على المحكم والفصل بينهما ، جاز له أن يشتغل بتفسير كتاب الله تعالى ، ومن عدم شيئا من هذه العلوم فلن يحل له التعرض الكتاب الله جل وعز ، اعتمادا على اللغة المجردة ، أو النحو المجرد ، أو الرواية فقط.
يبين ما ذكرناه ويوضحه ، أن المفسر لا بد من أن يكون بحيث يمكنه حمل قوله