إنّ ثناء الله وتقديسه ووصفه بما وصف به نفسه في كتابه وسنّة نبيّه ، يوجد أرضية صالحة لاستجابة الدعاء ويكشف عن استحقاق الداعي لرحمته وعفوه وكرمه.
ثمّ إنّ هذا القسم من التوسّل ممّا اتّفقت عليه الأُمّة سلفها وخلفها ولم يذكر فيه أيّ خلاف.
٢. التوسّل بالقرآن الكريم
من الوسائل التي حثّت الشريعة على اعتمادها كوسيلة للتقرّب منه سبحانه ونيل مرضاته ومغفرته : التوسّل بتلاوة القرآن وقراءته ، وفي الحقيقة أنّ هذا النوع من التوسّل يمثّل في واقعه التوسّل بفعل الله سبحانه وتعالى ، فالتوسّل بالقرآن والسؤال به ، توسّل بفعله سبحانه ورحمته التي وسعت كلّ شيء ، لأنّ القرآن الكريم هو كلام الله الذي أنزله على قلب نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومع ذلك كلّه ينبغي على الإنسان المسلم التحقّق من وجود الدليل على جواز هذا النوع من التوسّل ، لأنّ كلّ ما يقوم به الإنسان المسلم ـ من التوسّلات ـ ينبغي أن لا تخدش أصل التوحيد ، وحرمة التشريع. ومن حسن الحظ أنّنا نجد الكثير من الروايات التي تؤكّد مشروعية هذه الوسيلة ، منها :
روى الإمام أحمد ، عن عمران بن الحصين أنّه مرّ على رجل يقصّ ، فقال عمران : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، سمعت رسول الله يقول : «اقرءوا القرآن واسألوا الله تبارك وتعالى من قبل أن يجيء قوم يسألون به الناس». (١)
والإمعان في الحديث يرشدنا إلى حقيقة ناصعة وهي جواز السؤال بكلّ
__________________
(١) مسند أحمد : ٤ / ٤٤٥. ورواه في كنز العمال عن الطبراني في الكبير ، والبيهقي في شعب الايمان لاحظ ج ١ ، ص ٦٠٨ برقم ٢٧٨٨.