اليهود والنصارى ، وهو قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، واختاره ابن جرير ، وقال سعيد عن قتادة : هم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا أبي أخبرنا إبراهيم بن موسى وعبد الله بن عمران الأصبهاني ، قال : أخبرنا يحيى بن يمان حدثنا أسامة بن زيد ، عن أبيه عن عمر بن الخطاب (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال : إذا مر بذكر الجنة سأل الله الجنة ، وإذا مر بذكر النار تعوذ بالله من النار ، وقال أبو العالية : قال ابن مسعود : والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ، ويحرم حرامه ، ويقرأه كما أنزله الله ، ولا يحرف الكلم عن مواضعه ، ولا يتأول منه شيئا على غير تأويله ، وكذا رواه عبد الرزاق ، عن معمر عن قتادة ومنصور بن المعتمر عن ابن مسعود ، قال السدي عن أبي مالك عن ابن عباس في هذه الآية قال : يحلون حلاله ويحرمون حرامه ولا يحرفونه عن مواضعه ؛ قال ابن أبي حاتم : وروي عن ابن مسعود نحو ذلك ، وقال الحسن البصري : يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ، ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه ، وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا أبو زرعة أخبرنا إبراهيم بن موسى أخبرنا ابن أبي زائدة أخبرنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال : يتبعونه حق اتباعه ، ثم قرأ : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) [الشمس : ٢] يقول : اتبعها قال : وروي عن عكرمة وعطاء ومجاهد وأبي رزين وإبراهيم النخعي نحو ذلك. وقال سفيان الثوري : أخبرنا زبيد عن مرة عن عبد الله بن مسعود ، في قوله : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال : يتبعونه حق اتباعه ، قال القرطبي (١) : وروى نصر بن عيسى عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النّبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال : «يتبعونه حق اتباعه» ثم قال في إسناده غير واحد من المجهولين فيما ذكره الخطيب إلا أن معناه صحيح. وقال أبو موسى الأشعري : من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة. وعن عمر بن الخطاب : هم الذين إذا مروا بآية رحمة سألوها من الله ، وإذا مروا بآية عذاب استعاذوا منها ، قال : وقد روي هذا المعنى عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان إذا مرّ بآية رحمة سأل ، وإذا مرّ بآية عذاب تعوذ.
وقوله : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) خبر عن (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) أي : من أقام كتابه من أهل الكتب المنزلة على الأنبياء المتقدمين حق إقامته ، آمن بما أرسلتك به يا محمد ، كما قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) [المائدة : ٦٦] ، (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) [المائدة : ٦٨] أي : إذا أقمتموها حق الإقامة وآمنتم بها حق الإيمان وصدقتم ما فيها من الأخبار بمبعث محمد صلىاللهعليهوسلم ونعته وصفته والأمر باتباعه ونصره وموازرته ، قادكم ذلك إلى الحق واتباع الخير في الدنيا والآخرة كما قال تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) [الأعراف : ١٥٧] ، وقال
__________________
(١) تفسير القرطبي ١ / ٩٥.