أخبر عن أمر واقع ؛ وهو غلبة الفرس للروم في أدنى أرض العرب وهو منقطع الشّام ، وعن أمر متوقّع ؛ ووقع على وفق ما أخبر به [وهو غلبة الروم للفرس فى بضع سنين وهو ما بين الثّلاث إلى التسع إلى غير ذلك من الآيات الدّالة على ما أخبر بوقوعه ، ووقع على وفق ما أخبر به] (١).
ومنها الإخبار عن قصص الماضين ، وسير الأولين على [نحو] (٢) ما وردت به الكتب السّالفة ، والتّواريخ الماضية مع ما عرف من حال النّبي صلىاللهعليهوسلم ـ من الأمّية وعدم الاشتغال بالعلوم والدّراسة ، وعدم معاشرة أهل الكتاب ، وأرباب العلم.
وذلك كلّه من المعجزات الخارقة للعادة على ما لا يخفى ، وليس المعجز هو نفس الإخبار عن الغيب ، ولا نفس وقوع المخبر عنه إذا كان من الأمور العاديّة كما ذكرناه من الأمثل ؛ بل المعجز من ذلك علمه بالغيب الّذي دلّ عليه وقوع المخبر عنه.
ومنهم من قال : وجه الإعجاز فى القرآن إنما هو عدم اختلافه وتناقضه مع طوله ، وامتداده : متمسّكين فى ذلك بقوله ـ تعالى ـ :
(وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٣).
ومنهم / من قال : وجه الإعجاز فيه موافقته لقضيّة العقل فى دقيق المعانى.
ومنهم من قال : وجه الإعجاز فيه : إنّما هو قدمه
ومنهم من قال : وجه إعجازه : كونه دالّا على الكلام القديم.
ومنهم من قال : وجه الإعجاز ؛ إنّما هو مجموع الوصفين : وهما النّظم الغريب ، والبلاغة ؛ وهذا هو اختيار القاضى أبى بكر.
وذهب الأكثرون : كالأستاذ أبى اسحاق ، والنّظام ، وبعض الشيعة وغيرهم : إلى أن العرب كانت قادرة على مثل كلام القرآن قبل البعثة. وأنه لا إعجاز فى القرآن. وإنما المعجز هو صرف بلغاء العرب عن معارضته.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) ناقص من (أ)
(٣) سورة النساء ٤ / ٨٢.