وإن سلمنا الحصر فيما ذكروه ؛ ولكن ما المانع أن يكون تجرد ذلك المعنى المعقول عن الوضع والمقدار ، لا لذاته ولا لذات ما أخذ عنه ، بل لذات الأخذ / ، ولا يلزم من كون الأخذ هو الموجب لتجريد الصورة المعقولة عن الوضع والمقدار ، أن يكون هو متجردا فى نفسه عن ذلك.
قولهم : لو كانت النفس مدركة بآلة جرمانيّة لما أدركت نفسها ، ولا آلتها كما فى الحواس الخمس ؛ فهو تمثيل من غير دليل جامع (١).
قولهم : إنّ إدراكها لآلتها : إمّا بآلة ، أو لا بآلة.
ما المانع أن يكون ذلك بآلة؟
قولهم ؛ إما أن يكون بعين تلك الآلة ، أو بغيرها.
ما المانع أن تكون بعين تلك الآلة؟
قولهم : إما أن يكون ذلك لوجود صورة آلتها تلك فى آلتها ، أو لوجود صورة أخرى غير صورة آلتها.
فهو مبنى على القول بأن الإدراك لا يكون إلا بجهة حلول المدرك فى المدرك ؛ وهو باطل بما سبق (٢).
قولهم : لو كانت مدركة بآلة جرمانيّة ؛ للزم كلالها عند المواظبة على الإدراك كما فى الحواس ؛ فهو تمثيل من غير دليل جامع (٣).
ثم ما المانع أن تكون القوّة المدركة النّفسانية مع كونها مدركة بآلة جرمانيّة أقوى ، وأثبت من القوى المدركة الحساسة ؛ فلذلك لا تكل ، وإن كلت الحواس.
وبه يبطل ما ذكروه من الشبهة الخامسة ، والسادسة ، والسابعة أيضا (٤).
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ل ٣٩ / أوما بعدها (وفيه الرد على الشبهة الثالثة).
(٢) راجع ما تقدم فى الجزء الأول ل ٩٩ / أوما بعدها.
(٣) راجع ما مر في الجزء الأول ـ القاعدة الثالثة : الدليل الثالث ل ٣٩ / أوما بعدها. وفيه الرد على الشبهة الرابعة للفلاسفة الواردة فى ل ٢٠٣ / أ.
(٤) راجع ما مر ل ٢٠٣ / أ.