لأنّهما (١) فعله ، ولا لظنّ ما لأنّه عالم لنفسه ، ولا لأنّه يعلم أنّه إن لم يولم زيدا فعل (٢) ما يستحقّ به العقاب لقدرته (٣) على العفو وقدرة العاصي على الامتناع ، وإنّما يفعله (٤) للاعتبار ولا بدّ من عوض يخرجه عن كونه ظلما ، ولا يفعله للعوض فقط لحسن الابتداء به ، إذ ليس كالثّواب المقارن تعظيما وتبجيلا لقبح (٥) الابتداء به.
وإذا ساوى الألم اللّذّة في المصلحة لم يجز (٦) فعل الألم ، لإمكان التّحصيل بغيره (٧).
والتّفضّل بالعوض.
وقول البكريّة (٨) هذيان ، لأنّا نعلم تألّمنا أطفالا وتألّم البهائم ، وقول التّناسخيّة (٩) أقرب منه ؛ وقد قال شيوخنا القدماء (١٠) به وهو باطل ، لوجوب تذكّره ووقوع الألم في المعصومين ووجوب مقارنة الاستخفاف (١١) له ووجوب الهرب منه والفزع والجزع ، وما قدّمناه في فعل غير المستحقّ يبطل قولهم جملة.
__________________
(١). في «ب» : ولأنّهما.
(٢). في «ب» : فعلى.
(٣). في «ب» : بقدرته.
(٤). في «ب» : يفعل.
(٥). في «ب» : يصح الابتداء به وهو خطأ.
(٦). في «ب» : لم يحسن.
(٧). في «ب» : لغيره.
(٨). هم أصحاب بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد ، فزعموا أنّ الأطفال في المهد لا يألمون وإن قطعوا أو حرقوا وأجازوا أن يكونوا في وقت الضرب والقطع والإحراق متلذذين مع ظهور البكاء والصياح منهم ، راجع عن هذه الفرقة : الفرق بين الفرق ، ٢١٢ ـ ٢١٣ ؛ مقالات الإسلاميين ، ١ / ٣١٧ ؛ كشف المراد ، ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ؛ أنوار الملكوت ، ١٢٥ ؛ إشراق اللاهوت ، مخطوط في مكتبة الإمام الرضا (ع) ، الورقة ٩٦.
(٩). هم قائلون بتناسخ الأرواح في الأجساد والانتقال من شخص إلى شخص وما يلقي من الراحة والتعب والدعة والنصب وذهبوا إلى أنّ الألم انّما يحسن بمجرّد الاستحقاق ، راجع : الملل والنحل للشهرستاني ، ٩١ ؛ الفرق بين الفرق ، ٢٧٠ ـ ٢٧٦ ؛ كشف المراد ، ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ؛ الفصل في الملل والاهواء والنحل ، ١ / ٩٠ ـ ٩٤.
(١٠). هذا القول مروي عن زرارة بن أعين من علمائنا المتقدمين.
(١١). في «ب» : مقارنته الاستحقاق.