«البرّ» : خالق البرية. «التواب» : الذي يرجع إنعامه على من حل عقد إصراره من المذنبين ، ورجع إلى التزام الطاعة ، والتوبة والرجوع.
«المقسط» : العادل ؛ يقال أقسط إذا عدل ، وقسط إذا جار.
«النور» : معناه : الهادي. «البديع» ، قيل : هو المبدع ؛ وقيل : هو الذي لا نظير له.
«الرشيد» : قيل : معناه المرشد ؛ وقيل : هو العالم ؛ وقيل : هو المتعالي عن الدنيات وسمات النقص.
«الصبور» : معناه الحليم ، وقد سبق تفسيره.
فصل
ذهب بعض أئمتنا إلى أن اليدين والعينين والوجه صفات ثابتة للرب تعالى ، والسبيل إلى إثباتها السمع دون قضية العقل. والذي يصح عندنا حمل اليدين على القدرة ، وحمل العينين على البصر ، وحمل الوجه على الوجود.
ومن أثبت هذه الصفات السمعية وصار إلى أنها زائدة على ما دلت عليه دلالات العقول ، استدل بقوله تعالى في توبيخ إبليس إذ امتنع عن السجود : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) [سورة ص : ٧٥]. قالوا : ولا وجه لحمل اليدين على القدرة ، إذ جملة المبدعات مخترعة لله تعالى بالقدرة ، ففي الحمل على ذلك إبطال فائدة التخصيص ، وهذا غير سديد ؛ فإن العقول قضت بأن الخلق لا يقع إلا بالقدرة ، أو بكون القادر قادرا ، فلا وجه لاعتقاد وقوع خلق آدم عليهالسلام بغير القدرة.
ومما يوضح ما قلناه ، أن آدم صلوات الله عليه ما استحق أن يسجد له لما خصص به من الخلق باليدين ، وذلك متفق عليه مقضى به في موجب العقل ، وإنما لزم السجود اتباعا لأمر الله. فإذا وجب على كل محقق القطع بأن آدم عليهالسلام لم يسجد له لأنه خلق باليدين ، وظاهر الآية يقتضي اقتضاء السجود لاختصاص آدم بما تضمنته الآية ، فالظاهر متروك إذا والعقل حاكم بأن الذي يقع الخلق به القدرة.
ثم لا بعد في تكريم بعض العباد بالتخصيص بالذكر ، ونظائر ذلك في كتاب الله كثيرة فإنه عز اسمه أضاف الكعبة إلى نفسه ولا اختصاص لها بذلك ، وأضاف المؤمنين بصفة العبودية إلى نفسه ، وأضاف روح عيسى عليهالسلام إلى نفسه. والإضافة تنقسم إلى إضافة صفة ، وإضافة ملك ، وإضافة تشريف.
فأما الآية المشتملة على ذكر العينين فمزالة الظاهر اتفاقا ، وكذلك قوله تعالى في الإنباء عن