ونعوذ بالله أن نظنّ به ذلك ؛ بل ، كان أعلم بما يقول ويشرّع من الملحدين الظّانّين (١) به ظنّ السّوء ـ (عليهم دائرة السّوء) ـ و (٢) إنّما عنى أنّ لكلّ واحد منهم شريعة ومنهاجا (٣) فى الظّاهر غير شريعة صاحبه ومنهاجه ؛ ولكنّهم كلّهم أشاروا إلى معان (٤) متّفقة لا تناقض فيها ولا اختلاف. ألا تراه عزوجل يقول (٥) : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) ، ثمّ قال : (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) أى أنّ الله عزوجل يهدى إلى معانيها التى تدلّ على الدّين الحقيقىّ الّذي يدعو إلى وحدانيّته وإلى معرفته ومعرفة أوليائه الذين لا تفرّق فيهم ولا اختلاف بينهم ، من ينيب إليه ، ويرجع إلى اوليائه فى طلب معانيها ؛ فيكون فى رجوعه إليهم رجوعه إلى الله جلّ وعزّ ، ويكون (٦) فى معرفته (٧) معانى كلام الله ، هدايته وخروجه من الاختلاف والضّلال. فالاختلاف الّذي كان بينهم ، فى ظاهر شرائعهم. هكذا كان سبيله ؛ لأنّهم لم يقصدوا ظاهر الشّرائع دون المعانى التى تحتها ، بل كان قصدهم لها (٨) ، جميعا ؛ ثم حثّوا (٩) الأنام على طلب معانيها المؤتلفة التى بها نجاتهم.
(٥) فلذلك جاز (١٠) لهم نسخ ظاهرا الشّرائع ، ومخالفة بعضهم لبعض فيها ؛ لأنّها كانت أمثالا (١١) مضروبة فى كتبهم وسننهم. فألزموا النّاس إقامتها ، وجعلوها أصل العبادة ، وافترضوا عليهم القيام بها ، وأكرهوهم على قبول ظاهر ما أتوا به ، وأجبروهم على إقامة ما شرعوه (١٢) ، لتثبت (١٣) آثارهم ورسومهم فى العالم ، وتظهر الطّاعة والمعصية ، وتقوم الطّاعة بالعبادة (١٤) ؛ ويساس بهذه الشّرائع الخاصّ والعامّ ، ويستقيم امر العالم ؛ لانّ صلاح أمر العالم
__________________
(١) ـ الظانين : الضالين B (٢) و : ـ B (٣) ـ منهاجا : منهاج B (٤) معان : معانى AB (٥) ـ عزوجل يقول : يقول عزوجل ABC (٦) ـ ويكون : فيكون C (٧) معرفة : ـ A (٨) ـ لها : ـ A (٩) حثوا : حثوA (١٠) ـ جاز : حازB (١١) ـ امثالا : ـ C (١٢) ـ شرعوه : شرعواB (١٣) لتثبت : ليثبت ABC (١٤) ـ بالعبادة : ـ A