وأخرج أحمد من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، قال : مرّ عمر على حسان وهو ينشد الشعر في المسجد ، فقال : أفي مسجد رسول الله تنشد الشعر؟ فقال : قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك.
وفي الصّحيحين عن البراء أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال لحسان : «اهجهم ـ أو هاجهم ـ وجبريل معك» (١)
وقال أبو داود : حدثنا لؤيّ ، عن ابن أبي الزّناد ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة ، عن عائشة ـ أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم كان يضع لحسان المنبر في المسجد يقوم عليه قائما يهجو الذين كانوا هجون النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إنّ روح القدس مع حسّان ما دام ينافح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم» (٢).
روى ابن إسحاق في المغازي ، قال : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه ، قال : كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع (٣) حصن حسان بن ثابت ، قالت : وكان حسان معنا فيه مع النساء والصبيان ، فمرّ بنا رجل يهودي ، فجعل يطيف بالحصن ، فقالت له صفية : إن هذا اليهودي لا آمنة أن يدلّ على عوراتنا ، فانزل إليه فأقتله. فقال : يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب ، لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا. قالت صفية : فلما قال ذلك أخذت عمودا ، ونزلت من الحصن حتى قتلت اليهوديّ. فقالت : يا حسّان ، انزل فاسلبه. فقال : ما لي بسلبه من حاجة.
مات حسان قبل الأربعين في قول خليفة. وقيل سنة أربعين. وقيل خمسين : وقيل أربع وخمسين ، وهو قول ابن هشام ، حكاه عنه ابن البرقي ، وزاد وهو ابن عشرين ومائة سنة أو نحوها.
وذكر ابن إسحاق أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قدم المدينة ولحسان ستون سنة.
قلت : فلعل هذا يكون على قول من قال : إنه مات سنة أربعين بلغ مائة أو دونها ، أو في سنة خمسين ومائة وعشرة ، أو سنة أربع وخمسين مائة وأربع عشرة.
والجمهور أنه عاش مائة وعشرين سنة ، وقيل عاش مائة وأربع سنين ، جزم به ابن أبي
__________________
(١) أخرجه البخاري ٤ / ١٣٦ ومسلم في فضائل الصحابة (١٥٣).
(٢) أخرجه أبو داود في السنن ٢ / ٢٢ كتاب الأدب باب ما جاء في الشعر حديث رقم ٥٠١٥.
(٣) فارع : اسم أطم من آطام المدينة ، وفارع : قرية في أعلى الشراة بالشين المعجمة بها نخل كثير ، وبها مياه من عيون تجري تحت الأرض. انظر : مراصد الاطلاع ٣ / ١٠١٣.