وقال ابن عبّاس :
ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق إن بعث محمد وهو حيّ ليؤمنن به ولينصرنه ،
فلو كان الخضر موجودا في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم لجاء إليه ونصره بيده ولسانه ، وقاتل تحت رايته ، وكان من
أعظم الأسباب في إيمان معظم أهل الكتاب الّذي يعرفون قصته مع موسى.
وقال أبو الحسين
بن المنادي : بحثت عن تعمير الخضر ، وهل هو باق أم لا؟ فإذا أكثر المغفّلين
مغترّون بأنه باق من أجل ما روى في ذلك ، قال : والأحاديث المرفوعة في ذلك واهية ،
والسّند إلى أهل الكتاب ساقط لعدم ثقتهم ، وخبر مسلمة بن مصقلة كالخرافة وخبر رياح
كالريح ، قل : وما عدا ذلك كلّه من الأخبار كلها واهية الصدور والأعجاز. حالها من
أحد أمرين ، إما أن تكون أدخلت على الثقات استغفالا ، أو يكون بعضهم تعمّد ذلك ،
وقد قال الله تعالى : (وَما جَعَلْنا
لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) [الأنبياء : ٣٤].
قال : وأهل الحديث يقولون : إن حديث أنس منكر السند ، سقيم المتن ، وإن الخضر لم
يراسل نبيّا ولم يلقه ، قال : ولو كان الخضر حيّا لما وسعه التخلّف عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم والهجرة إليه. قال : وقد أخبرني بعض أصحابنا أنّ إبراهيم
الحربي سئل عن تعمير الخضر فأنكر ذلك ، وقال : هو متقادم الموت ، قال : وروجع غيره
في تعميره ، فقال : من أحال على غائب حيّ أو مفقود ميّت لم ينتصف منه ، وما ألقى
هذا بين الناس إلا الشّيطان. انتهى.
وقد ذكرت الأخبار
التي أشار إليها ، وأضفت إليها أشياء كثيرة من جنسها ، وغالبها لا يخلو طريقه من
علّة ، والله المستعان.
وفي تفسير
الأصبهاني روى عن الحسن أنه كان يذهب إلى أن الخضر مات.
وروى عن البخاريّ
أنه سئل عن الخضر وإلياس هل هما في الأحياء؟ فقال : كيف يكون ذلك ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم في آخر عمره : «أرأيتكم ليلتكم هذه فإنّ على رأس مائة سنة
منها لا يبقى على وجه الأرض ممّن هو اليوم عليها أحد» .
واحتج ابن الجوزيّ
أيضا بما ثبت في صحيح البخاريّ أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال يوم بدر :
__________________